اخبار اسلامية
أخر الأخبار

المرجع اليعقوبي: معالم التكامل في التشريع الإسلامي للمواريث

أكد سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله)، أن القرآن الكريم نزل ليبني الإنسان والمجتمع الصالحين، ويؤسس لحياة كريمة مبنيّة على أساس العدالة الاجتماعية، وذلك في ظل الأنظمة والقوانين التي وضعها البشر القاصرون عن إدراك وتشريع ما يصلح الإنسان والحياة، ويوفر العيش الكريم والسعادة للبشرية.

 

وأوضح سماحتُهُ، خلال درس التفسير الأسبوعي الذي يلقيه على أساتذة وفضلاء وطلبة الحوزة العلمية بمكتبه في النجف الأشرف، وكان في ضوء الآية الكريمة من سورة النساء {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7]، وتابعته “النعيم نيوز”، أن “سورة النساء المباركة تضمنّت آياتاً عديدة تكفلّت ببناء المجتمع الإسلامي الصالح، حيث بينّت أحكام الورث بأدق التفاصيل، على خير المتعارف في أحكام الشريعة الأخرى، كالصلاة والصوم والزكاة، إذ اكتفت ببيان الخطوط العريضة والحدود العامة، أما الإرث فقد تكفّل الله تعالى ببيان الاستحقاقات بالتفصيل، مما يكشف عن اهتمام الشريعة العظمى بهذه الفريضة”.

وبيّن، أن “توريث المال ونحوه من تركة الميت إلى القريبين إليه بنسبٍ أو سبب، غريزة فطرية، لأن الإنسان يعتبرهم امتداداً لوجوده، وأنه باقٍ ببقائهم، حتى أن من لا عقب له ولا قرابة يشعر أحياناً بجنيّة التوسع في ملكيته، لأنه لا يجد من يستحق الجهد والعناء ويحفظ له ذكره، وقد عالج الإسلام هذه الثقافة بمبدأ الباقيات الصالحات”.

ولفت المرجع اليعقوبي، إلى أن “قضية التوريث بين الأقرباء مما يقتضيه العدل والإنصاف، لأنهم يتوارثون تكويناً الصفات الإيجابية والسلبية من خلال الجينات، فيلزم فيه توارثهم شرعاً وقانوناً سائر ما يتركه الميت على أساس القاعدة العقلائية (من كان له الغُنم فعليه العُزم)”، مضيفاً “كما إنها (قضية التوريث) ضرورة اجتماعية، لأنها تتعلق بتوزيع المال على مستحقيه، وهو من أعظم موارد النزاع والتخاصم لميل النفوس إليه وحرصهم عليه، قال تعالى {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر: 20] وقال تعالى {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} [النساء: 128]”.

وتابع: “وفي ضوء ما تقدّم لابّد من وضع قوانين تفصيلية تعطي لكل ذي حقٍ حقّه، لذا نجد قضية الميراث وتوزيع تركة الميت حاضرة في ثقافة وتشريعات المجتمع البشري، خصوصاً المتمدنة فيها منذ فجر التاريخ كالسومريين والآشوريين والبابليين، كما ينقل المؤرخون ((قانون (لأور- نمو) وقانون (لبت-عشتار) و(آشنونا) وقانون (حمورابي)))، وغيرها من الحضارات كالمصرية والرومانية والإغريقية والفارسية، وهي وإن اختلفت في التفاصيل ألا أنها تكادُ تجمع على أن مستحق الميراث هو (أولى الناس به)، لكنهم اختلفوا في مصاديقه وجعلوا ضوابط مختلفة بحسب ثقافتهم واهتمامهم بالأمور والتحديات التي تواجههم”، مضيفاً: “أما في ثقافة العرب فقد كانت قبليّة وكانوا يتورثون على أساس النسب والولاء للعشيرة والتبنّي، ويخصّون به الذكر البالغ القادر على حمل السلاح دفاعاً عن العشيرة ومصالحها”.

وقال سماحته، “وفي ظل هذه الأنظمة التي تختزن الكثير من الاستئثار والظلم والحرمان والحيف، نزل القرآن الكريم ليبني الإنسان والمجتمع الصالحين، ويؤسس لحياة كريمة مبنيّة على أساس العدالة الاجتماعية {أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25]، إلا أن نزول القرآن ومرور مرة على البعثة النبوية المباركة، لم (يقلع) يمحو جذور القيم الجاهلية في نفوس الصحابة، كما تشير الروايات الشريفة”.

وفي ذات السياق، نوه سماحتُهُ، إلى أن “الدين الإسلامي العظيم لم يترك الأمر إلى البشر ذوي العقول القاصرة، الذين تتحكم فيهم الأهواء والمطامع والمصالح، لكونه (الدين الإسلامي) تشريع من الله تعالى خالق الإنسان، وهو جل وعلا العالم بما يصلحه في دنياه وآخرته، ولم يُهمِل هذه الغريزة الفطرية والضرورة الاجتماعية، فسنّ قانوناً إلهياً متكاملاً لمصير ما يتركه الإنسان”.

وأشار المرجع اليعقوبي، إلى “ملامح هذه التكامل بعدة نقاط:

1- لم يبخس حق الميت واحترام إرادته في أمور كان يجب أن ينفق ماله فيها فجعل الوصية بما لا يزيد عن ثلث التركة وتخرج قبل توزيع الميراث.

2- مراعاة النزعة الفطرية والعدالة الاجتماعية فلاحظ في الاستحقاقات درجة القرابة والمسؤوليات المنوطة بكل وارث، والمصالح العامة في توزيع الثروة ومنع الاستئثار والاستبداد على نحو قوله تعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7]، والغرض هو تحقيق العدالة وليس المساواة التي يلزم منها الظلم وفق العناصر الآنفة.

3- تثبيت سهام الإرث بدقة حتى لا يحصل خلاف وتنازع.

4- حفظ حقوق الضعفاء كالنساء والأطفال”.

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرامالنعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرامالنعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى