مقالات
أخر الأخبار

نهضة البلاد ..سؤال يٌحتاج لإجابة

كتب أ.د. عامر حسن فياض: وردت النهضة وتحددت خصائصها بمعنيين: الأول يفيد بأن النهضة تعني (الميلاد الجديد) الذي يتحدد نطاقه في (إحياء الأدب الرفيع) على حد قول المفكر الفرنسي (فرانسو رابليه 1499- 1553م).

 

وكان المفكر الإنساني الهولندي (إيراسموس 1466-1536م) قد تباهى في مقدمة كتابه (الحِكم) بأنه صاحب الفضل في احتضان الآداب التي راحت تولد من جديد، بعد أن كانت مطمورة في عالم دياجير الهمجية، ولكن الميلاد الجديد سيشمل أيضاً الفنون الأخرى، حتى أن المفكر الإيطالي (نيكولا ميكافيلي 1469-1527م) طمأن الشباب في ختام رسالته (في الحرب)، وطلب منهم عدم الخضوع لليأس والانشغال بإعادة الحياة من جديد لاسيما الأشياء الميتة كالشعر والتصوير والكتابة.

وقد ساد هذا المعنى للنهضة، أي معنى الميلاد الجديد للآداب والفنون، حتى استقر أكاديمياً في القرن الثامن عشر على يد (حركة الأنوار)، فذهب الأديب الفرنسي فولتير (1694-1778م) ليتحدث عن تاريخ الفنون الرفيعة وانحطاطها في مراحل تاريخية معينة، ليعود فيؤكد بأن هذه الفنون نفضت عنها في مطلع نهضتها غبار الهمجية.

وسيسود هذا المعنى كذلك في المراحل الأولى في القرن التاسع عشر إذا سيتمسك به (استندال 1783-1842م) في كتابه (تاريخ الرسم)، وكذلك رجل الدولة والمؤرخ الفرنسي (فرانسوا غيزو 1787- 1874م) في كتابه (التاريخ العام للحضارة في أوروبا).

أما المعنى الثاني للنهضة فيفيد بأن النهضة تعني نهوض الإنسان، حيث ذهب المؤرخ الفرنسي (ميشليه) إلى أن النهضة لا تشتمل فقط على نهوض الآداب والفنون التي ابتدعها الإنسان، وإنما تشمل أيضاً نهوض الإنسان نفسه.

لقد كان مؤرخ الثقافة والفنون السويسري (كارل بوركهارت 1818- 1897م) قد قال في كتابه (حضارة عصر النهضة) إن النهضة تقوم على أسس ثقافية تتمثل بتمسك الإنسان باتجاه شخصي قوي، وبشعور شديد بفرديته تجاه الحياة بصورة عامة وباتجاه المجتمع والدولة بصورة خاصة، وترتيباً على هذا فإن إنسان النهضة يعرف أهدافه شخصياً، ويحدد مجرى حياته تحديداً فردياً حراً.

لكن تعدد معاني النهضة وتنوع دلالاتها لا يمنع من الاتفاق مع عالم الاجتماع الفرنسي (هنري لوفيفر) (1901- 1991م) في كتابه الموسوم (باسكال) بأن كلمة النهضة لا تبدو دقيقة جداً، لأنها تخفي وراءها الكثير من معالم التاريخ لاسيما الانقلاب العميق في القاعدة الاقتصادية والبنى الاجتماعية التحتية مع نشأة النظام الرأسمالي وظهور ملامحه الأولى في أحضان المجتمعات الإقطاعية الغربية في القرن الخامس عشر.

لذلك نفترض أن بداية عصر النهضة هي بداية تبلور النظام الرأسمالي وتأثيره في الحياة كلها بشكل واحد، حيث لم يحظ النظام الرأسمالي بمثل هذه الصدارة والفعالية في المجتمعات كلها بدرجة واحدة ولا في وقت واحد، مما يعني تفاوت تاريخ بداية عصر النهضة والنظام الرأسمالي المصاحب له من بلد إلى آخر، فإذا كانت النهضة قد بدأت في إيطاليا وهولندا أوائل القرن الخامس عشر، فإنها لم تبدأ في بلدان غربية أخرى إلا في وقت لاحق في القرن العشرين ليرتبط ظهور النهضة بجملة عوامل ومظاهر متنوعة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، فمتى نلتمس النهضة في بلادنا؟

سؤال يحتاج لإجابة خلاصتها أنه عندما يقترن ميلاد العراق الجديد بإنسان عراقي جديد ضمن دولة مسلحة بقوة المعرفة وبمكارم الأخلاق، أي بمواطنين لا رعايا ولا أتباع، وبرجال دولة يفقهون بأن السياسة هي علم إدارة الشأن العام لتحقيق الخير العام.

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى