
اقيمت صلاة الجمعة في مسجد جنات النعيم بكربلاء، بإمامة فضيلة الشيخ فيصل التميمي.
وكانت الخطبة الأولى، وتابعتها “النعيم نيوز”، بعنوان: عناصر التفاضل بين الأنبياء والأولياء والمؤمنين: إن التفاضل بينهم إنما يكون وفق سنن إلهية ثابتة، استناداً إلى قوله تعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾، كما أشار الخطيب إلى روايات أهل البيت، ومنها رواية الإمام الصادق عليه السلام حول مقام أبي طالب، وفيها أن نور أبي طالب يوم القيامة يطفئ أنوار الخلائق إلا أنوار الخمسة الطاهرة، وهذا يدل على عظمة مقامه، وكذلك روايته عليه السلام: «الإيمان عشر درجات… المقداد في الثامنة، وأبو ذر في التاسعة، وسلمان في العاشرة»؛ للدلالة على تفاوت مراتب المؤمنين، والمعايير الأساسية للتفاضل، وهي: أولاً: مقدار عشق الله ومعرفته، فكلما كانت معرفة الله أعمق كان صاحبها أعلى مقاماً.
وثانياً: الروح الرسالية والهمّ التبليغي: وهذه بعض الآياتٍ القرآنية التي تُبرز حِرْصَ الأنبياء على هداية الناس: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ﴾، ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾، ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾، ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾. وثالثاً: الكمالات الأخلاقية والباطنية، وتشمل:
1- العلم: قال تعالى: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾، جاء في الرواية: (نوم العالم خير من عبادة الجاهل).
2- التقوى: قال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾.
3- الجهاد: فالمجاهدون أعلى درجة من القاعدين.
4- الصبر والتسليم: كصبر النبي إسماعيل، وعلي الأكبر الذي لم يُبالِ بالموت، والسيدة زينب عليها السلام التي قالت: «ما رأيتُ إلّا جميلاً».
5- الزهد: كما ورد في دعاء الندبة حول أولياء الله الذين وفوا بشرط الزهد، ومثال ذلك زهـد الزهراء عليها السلام.
6- اليقين بالغيب: قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾، روي عن أمير المؤمنين: «لو كُشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً».
7- الإخلاص: كضربة أمير المؤمنين يوم الخندق التي عدّلت عبادة الثقلين إلى يوم القيامة.
8- نيل نعيم الدنيا: فمنهم من فتح الله له نصيباً من الدنيا ومنهم من زهد فيها.
أما الخطبة الثانية:
التعزية بوفاة السيدة أمّ البنين (13 جمادى الآخرة)، والعنوان العام هو: قوة الرهط ونصرة القيادة الإلهية، حيث افتتح الخطيب حديثه بالإشارة إلى جانبٍ من الخطاب الفاطمي الذي ألقته المرجعية الرشيدة، مستشهداً بقوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ﴾،ليُبيّن الفرق بين منطق القوة وقوة المنطق، وأن الضعفاء لا مكان لهم في ساحات الصراع، واستشهد بقوله تعالى على لسان لوط: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾، ثم بيّن أن الأنبياء والأولياء لم ينتصروا إلا بوجود رهطٍ ناصرٍ، ومن أمثلتهم: أبو طالب، حمزة، علي، خديجة: رهط النبي (صلى الله عليه وآله)، والسيدة الزهراء: رهط أمير المؤمنين. والسيدة زينب عليها السلام: رهط الإمامين الحسين والسجاد. والسيدة أم البنين عليها السلام: كانت ضمن الرهط المدافع عن أمير المؤمنين وولديه. والسيد الشهيد الصدر الثاني: كان له رهط من الشباب المخلصين. أما الرجم الحديث الذي تمارسه قوى الاستكبار العالمي فإن له عدة صور منها: الرجم العسكري: كالجماعات الإرهاابية كدداعش وأمثالها. والرجم السياسي، من خلال الفساد السياسي والمالي، والرجم البيولوجي: مثل نشر فايروس كورونا، والرجم بالانحرافات الفكرية: كالجندرية، والمولوية، واليمانية. والرجم بالانحرافات الأخلاقية، والرجم الإعلامي: من خلال عمليات التسقيط، ونشر الانحراف، لذا علينا أن نكون من الضدّ النوعي لهذا الرجم، ومن صوره: الرهط العسكري: كالحششد الشعبي المبارك، والرهط السياسي: تشريع القوانين وحمايتها. والرهط الفكري والثقافي: الحوزة والوعي والقراءة الواعية، والرهط الإعلامي: فهي منصّات للمواجهة الثقافية المضادة. فلا يجوز للمؤمن أن يعيش الحالة الانهزامية، قال الشاعر:
تأبى الرماحُ إذا اجتمعن تكسّراً … وإذا افترقن تكسّرت آحاداً
وختم الخطيب بقول سماحة المرجع الشيخ اليعقوبي (دام ظله): «كونوا من رهط الإسلام» أي كونوا أنصاراً للدين بعيداً عن الشخصنة والموقع والذات.



