
كتب طالب سعدون.. إن كانت هناك بقايا (شرعية دولية) و(سيادة وطنية) للدول على اراضيها و(اعتبارات محترمة وقدسية للعدالة) و(النظام والقانون الدولي) فقد سقطت جميعها يوم الثلاثاء الماضي ( 9- 9 – 2025) عندما طالت ذراع (اسرائيل) قطر فاستهدفت حيا سكنيا في عاصمتها – الدوحة، مليئا بالمدارس ودور الحضانة والبعثات الدبلوماسية، كان يقيم فيه وفد حركة حماس للتفاوض على المقترح الاميركي لوقف اطلاق النار في قطاع غزة، دون أي اعتبار لأرواح المدنيين
ولا سيادة دولة قطر على ارضها، ولا اميركا التي قدمت المقترح، وتقع على ارضها اكبر قاعدة لها في المنطقة (عيديد) . لم يكن العدوان الصهيوني على قطر الاول على دولة عربية فقد سبقه الكثير، خاصة على دول الجوار لهذا الكيان، لكنه الاول الذي سيرسم ملامح جديدة للمنطقة اذا استمر نتنياهو على هذا الغرور والانفلات، ما يفرض عليها ان تتعامل مع هذا الحدث برؤية جديدة وموقف يناسب خطورته، وليس بلغة الانشاء والبلاغة والشجب والادانة والاستنكار التي اعتاد العالم على سماعها، وهي وان كانت ضرورية لتضيف قناعات جديدة للعالم على طبيعة هذا الكيان العدوانية وخروجه عن القوانين الدولية واقل ما يوصف بانه مارق يهدد الأمن والسلم، لكن هذه العبارات ليست كافية إن لم تفعل بخطوات عملية فعالة تناسب تطور الأحداث إلى هذا المدى، الذي يهدد الامن والسلم، ليس في المنطقة بل في العالم، ويثبت عجز المنظمة الدولية ومجلس الامن الفاضح عن اتخاذ الاجراء المناسب.
لهذا الحدث خصوصية، هي أنه الأول على دولة خليجية تتمتع بعلاقات قوية جدا مع اميركا وعلى ارضها قاعدة (عيديد) الاميركية، التي تعد قوة لها ايضا عند الحاجة كما هي لاميركا، وليس هناك حاجة اقوى من العدوان على الارض والسيادة.
كما أنه جاء بعد (تنظير وتطبيل) طويلين لاهمية العلاقة مع اميركا والتطبيع مع الكيان الصهيوني، فهما (يجعلان المنطقة في حالة استقرار ورفاه وتنمية وسلام وامان)، لكنه اكد بصورة لا تقبل الشك العكس تماما.
اكد أن اميركا لا يهمها امن المنطقة بقدر ما يهمها امن الكيان الصهيوني، وانها لا تسمع غير صوته في المنطقة وتغلق اذنيها عن سماع الأصوات الأخرى، وان هذا الانفلات الصهيوني – وهو خارج القوانين والاعراف الدولية – ما كان يحصل لولا الدعم الاميركي، الذي انهى كل التنظيرات القديمة والدراسات والنظريات عن اهمية العلاقة مع اميركا وأنها الضامن الاكيد لحماية امنها، وأكد صحة المقولة الشائعة، التي تعطي تصورا عن طبيعة العلاقة مع اميركا (المتغطي بامريكا عريان).
هذا العدوان يحتم على المنطقة إعادة النظر ليس في العلاقة مع الكيان الصهيوني فقط، بل مع اميركا ايضا بعد ان تخلت عن حلفائها ولم تجد ما يستر عورتها وافتضاح أمرها، فقد سقطت كل دعاواها بأنها راعية للسلام وتعمل على نجاح عملية التسوية بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني.
هذا الطرح الغريب لا يتفق مع الحقائق على الارض بعد ان امتدت ذراع الكيان بتهور وغطرسة وغرور إلى خارج حدود فلسطين والى حلفاء (استراتيجيين) بضوء اخضر منها، ويمكن أن تعرفه من رد فعل رئيسها ترامب بعد الضربة بأنه (غير سعيد) بالطريقة التى نفذ بها الكيان هجومه الغادر، وأنه لا يتفاجأ أبدًا عندما يتعلق الأمر بالشرق الاوسط ، فمن جعل المنطقة تكون بهذا الشكل غير المفاجئ له غير حليفته (اسرائيل) ورئيسها نتنياهو والدعم المطلق لهما من اميركا وحلفائها من الدول الاوروبية.
العدوان على قطر يحتم إعادة النظر بالعلاقة مع اميركا من دول كانت تتصور انها حليف استراتيجي فاطمأنت لها وفتح المجال امام روسيا والصين وغيرهما من الدول المؤثرة، ليكون لها دور بعد ان ثبت بالواقع الملموس والمؤلم والتاريخ الطويل الانحياز الاميركي للكيان الصهيوني ودعمه وفتح الضوء الاخضر له ليمارس عدوانه.
العدوان على قطر لم يحقق هدفه باصابة القادة الفلسطينيين، لكنه اصاب اميركا في مقتل بفضح خضوعها لنتنياهو وجنونه وزيف شعاراتها وادعاها انها تريد السلام والامن للمنطقة، وانها الحامية لها، فكثيرا ما كان ترامب يقول بزهو وخيلاء للخليجيين ان اميركا هي التي تحميهم، وزيف النظرية التي ابتدعها (الحماية مقابل الدفع)، فلم يوف بوعده بعد ان تسلم المبلغ مقدما في جولته الخليجية بعد تسلمه الولاية.
طالت يد (اسرائيل) وتجاوزت كثيرا وربما يكون العدوان على قطر بداية لعدوان آخر، يمتد إلى دول أخرى، هل من يقطعها؟ نعم، المقاومة قادرة على ان تقطعها وتلقين نتنياهو مر الدروس وهذا ما اكدته على مدى سنتين من القتال والحصار والتجويع.
والدرس الاهم لأهل المنطقة بعد هذا التطاول أن الرهان على اميركا خاسر، وليس امامهم غير الاعتماد على انفسهم.. “وماحك جلدك مثل ظفرك” ..نرجو وندعو ان يكونوا قد استوعبوا الدرس .. (ورب ضربة نافعة) .
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز