مقالات

المدن الذكية.. التحديات والفرص المستقبلية

كتبت د. شفاء الكناني: تسعى العديد من الدول في العالم إلى تطوير المدن الذكية كاستجابة للتحديات الحضرية المتزايدة، وتحسين جودة الحياة للمواطنين، وتعزيز الاستدامة البيئية والاقتصادية.

 

وتعتمد المدن الذكية على التكنولوجيا الحديثة، البيانات الرقمية، والذكاء الاصطناعي لإدارة البنية التحتية والخدمات العامة بطريقة أكثر كفاءة وفاعلية، مع تقليل الهدر وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية والنقلية، وفي العراق، بدأ الحديث عن المفهوم في السنوات الأخيرة، خاصة مع التوسع السكاني الكبير والضغط المتزايد على الخدمات العامة، إلا أن الطريق نحو التنفيذ الكامل لا يخلو من العقبات المتعددة والمعقدة.

أحد أبرز التحديات التي تواجه العراق في تطبيق المدن الذكية هو البنية التحتية المتقادمة، معظم المدن العراقية، بما فيها العاصمة بغداد والمحافظات الكبرى، تعتمد على شبكات كهرباء واتصالات غير متطورة، ما يعرقل تطبيق التقنيات الذكية بسلاسة.

الطرق، شبكات المياه والصرف الصحي، وأنظمة النقل العام بحاجة إلى تحديثات جذرية لتصبح متوافقة مع متطلبات المدن الذكية، إلى جانب ذلك، يشكل نقص الكفاءات البشرية المتخصصة في إدارة وتشغيل الأنظمة الرقمية تحدياً كبيراً، إذ إن المشاريع تحتاج إلى مهندسين وخبراء قادرين على دمج التكنولوجيا مع احتياجات السكان اليومية، وتحليل البيانات بشكل مستمر لضمان الأداء الأمثل.

إن المشاريع الذكية تتطلب موارد مالية ضخمة، سواء لتطوير البنية التحتية أو شراء الأجهزة الذكية وتشغيل التطبيقات الحديثة، ومع محدودية الميزانية المتاحة، يصبح الاعتماد على الشراكات الدولية أو القطاع الخاص ضرورة أساسية، لكن ذلك يحتاج إلى تنظيم واضح وإطار قانوني لضمان استمرارية المشاريع، كما يعد الاستقرار الأمني والسياسي عاملاً مؤثراً، فغياب الوضوح في السياسات، أو وجود مناطق غير آمنة، قد يؤدي إلى تأخير تنفيذ المشاريع أو توقفها بالكامل، مما يضعف الثقة في قدرة المدن الذكية على العمل بفاعلية.

رغم هذه التحديات، يمكن للعراق الاستفادة من نماذج دولية ناجحة، على سبيل المثال، تُعد سنغافورة نموذجاً عالمياً للمدن الذكية، حيث تعتمد على البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي لإدارة حركة المرور، مراقبة البيئة، وتقديم خدمات عامة مبتكرة.

أما دبي فقد نجحت في إنشاء نظام متكامل لإدارة المدينة بالكامل باستخدام التطبيقات الذكية، ويشمل ذلك المرور والطاقة والنفايات، إضافة إلى خدمات المواطنين الرقمية، كذلك، تعد كوبنهاغن في الدنمارك نموذجاً للمدن الذكية المستدامة، حيث تُستخدم شبكات الطاقة الذكية وأنظمة إدارة المياه لتعزيز الاستدامة البيئية وتحسين جودة الحياة، بينما نجحت مالمو السويدية، في دمج الطاقة المتجددة مع إدارة المباني الذكية لتقليل استهلاك الموارد.

أما في العراق، بدأت بعض المبادرات بالظهور، أبرزها مشروع مدينة جديدة في إحدى المحافظات، والذي يهدف إلى استخدام تقنيات ذكية لإدارة الخدمات والمرافق، مع توفير بيئة حضرية حديثة للسكان، نجاح مثل هذه المشاريع يعتمد على التنسيق بين الجهات المختلفة، مع ضرورة توعية المواطنين وتشجيعهم على المشاركة الفعالة والتكيف مع التكنولوجيا الجديدة، إضافة إلى ذلك، تعد طاقات الشباب العراقي المبدعة مصدراً مهماً للابتكار، ويمكن توجيهها نحو تطوير حلول محلية تناسب خصوصية المدن العراقية، بما يعزز فرص الاستدامة والابتكار في المدى الطويل.

وختاماً، يمثل التحول نحو المدن الذكية فرصة حقيقية لتحسين جودة حياة المواطنين في العراق، مع التغلب على التحديات الموجودة، مثل البنية التحتية المتقادمة والتمويل المحدود، بالتخطيط الجيد والشراكات الدولية، واستثمار طاقات الشباب العراقي في التكنولوجيا والتطور المستمر سيكون حجر الزاوية لإنجاح هذه المشاريع.

كما أن التركيز على الاستدامة البيئية وإدارة الموارد بشكل فعال يعزز من قيمة المدن الذكية ويجعلها نموذجاً حضرياً متقدماً، إذا نجح العراق في التغلب على العقبات واستثمار الفرص المتاحة، فسيتمكن من بناء مدن حديثة وذكية تُحسّن حياة الجميع وتدعم التنمية المستدامة.

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى