كتب عبد الزهرة محمد الهنداوي: القراءة ليست مجرد وسيلة لاكتساب المعرفة، بل هي فن قائم بذاته، وأمّ الفنون التي تتفرع عنها العلوم والمعارف جميعها، والكتاب هو الحضن الذي يمنح الكتابة دفئها وروحها، ويحفظ للذاكرة الإنسانية ديمومتها.
وقديماً قالوا إن القاهرة تكتب، وبيروت تطبع، وبغداد تقرأ، مقولة عاشت طويلاً حتى صارت حقيقة شبه راسخة، لكنها لم تصمد أمام تحولات الزمن، فبغداد لم تعد قارئة وحسب، بل توسعت آفاقها لتكتب وتطبع وتقرأ معاً، لتجمع أضلاع المثلث الثقافي في حضنها الدافئ.
وهذا الاحتضان، لا ينتقص من فضل القاهرة وبيروت، فهما اللتان منحتا أجيالنا الأولى باقات من الفكر والإبداع، يوم قرأنا نظرات وعبرات المنفلوطي، واستللنا منهما عبارات تفيض حباً، وتعرفنا إلى نجيب محفوظ وثلاثيته، وروايات توفيق الحكيم، وشعر شوقي، وحافظ إبراهيم، وكتابات طه حسين.
تلك الأسماء التي شكّلت وجداننا الثقافي، وما زالت القاهرة وبيروت تمدّان العالم العربي بالمؤلفات الجديدة، غير أن بغداد اليوم تدخل بقوة لتكون منافساً جاداً في ميدان التأليف والطباعة، فضلاً عن القراءة.
معرض بغداد الدولي للكتاب في دورته السادسة والعشرين كان شاهداً حياً على هذا الحضور، فقد شاركت فيه عشرات دور النشر العربية، وتنوعت عناوين الكتب لتغطي جميع مجالات الفكر والحياة، لكن القيمة الأهم كانت في مساحة مشاركة دور النشر والمؤلفين العراقيين، أما العلامة الفارقة الأبرز للمعرض، فتمثلت بجمهور المعرض شباب وفتيات يملؤون الأروقة، يتحاورون مع الناشرين، ويبحثون عن عناوين قديمة وحديثة، ثم يغادرون وأيديهم ممتلئة بكتب يحتضنونها بشغف وكأنها كنوز شخصية.
إنها إشارة صريحة إلى أن القراءة ما زالت حيّة في بغداد، وأنها النور الذي يفتح الآفاق أمام الأجيال الجديدة، وكما قال الأديب الأرجنتيني ألبرتو مانغويل: “القراءة هي الفعالية الأكثر إنسانية بين الفعاليات الخلّاقة”.
فقد أدركت بغداد هذه الحقيقة مبكراً، واليوم تؤكد حضورها من جديد، فهي لم تعد مدينة قارئة كما وصفها السابقون، بل مدينة تكتب وتطبع وتقرأ، لتجمع أضلاع المثلث الثقافي كاملاً بين أضلاعها.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز
