
كتب عامر عبد الجبار إسماعيل: تداول الإعلام خلال الأيام الماضية دعوات من قبل شخصيات علمية وذات مناصب مهمة في المجتمع الطبي والصيدلاني (medical and pharmaceutical community)، تضمنت حث الطلبة على عدم الدخول في مجال الطب والصيدلة في العراق من خريجي الدراسة الإعدادية لأسباب منها: عدم وجود تعيينات حكومية مستقبلاً، وأن نصائح الماضي لا تصلح للمستقبل.
مع تقديرنا واحترامنا الشديد لأصحاب هذه الدعوات، ونتفهم تخصصهم الدقيق وتركيزهم على أداء المهام المناطة بهم ومجالات عملهم التي عبر جهودهم المقدرة وصلوا إلى ما هم عليه الآن، إلا أن المسائل لا تقاس عبر زاوية واحدة – وأقصد هنا زاوية ممارسة المهنة بشكل مجرد – بل كافة زوايا الحالة أو المشكلة التي تشمل الجوانب القيادية والإدارية والإجرائية والمالية والرقابية…الخ.
من حق الجميع تحقيق طموحه المشروع، وأن كل إنسان في الحياة له الحق في سلك المسار الذي يرغب به ويجد ذاته فيه، ونحن كما يفترض أن نكون موجهين للمجتمع وأفراده، وعلينا إيجاد الحلول التي نتجاوز عبرها معوقات الحاضر بأفضل الطرق وأيسرها تطبيقاً وأقلها جهد وتكلفة.
كنت أتمنى أن ينظر جميع من يشغل مفاصل إدارة الدولة والمجتمع الى خارج صندوق الأفكار التقليدية، إن الدعوة إلى إزاحة كفاءات مستقبلية متوقعة لـ 1 % من أبنائنا الراغبين بالدراسة في التخصصات الطبية والصيدلانية، قد تحرم العالم بأكمله من مبدع قد يجد حلاً لمعضلة صحية أو علاجاً لمرض يؤرّق تفكير المجتمع الإنساني في جميع أنحاء العالم، كأمراض السرطان وغيرها، أو ينقذ حياة إنسان؛ سواء كان فرداً من مجتمع أو مبدعاً سيقدم ابتكاراته للعالم بعد نجاته.
دعونا نجتمع على فكرة جديدة لإطلاق دعوة لتطوير كل من القطاع الصحي بأكمله، خدمة لمواطنينا وشعبنا من جانب، وتطوير فرص التطور والتقدم لأبنائنا الموجودين حالياً في القطاع الصحي والراغبين بالدخول فيه من جانب آخر، عبر الاستثمار بـ (الرأسمال البشري) من خلال دمج ثورة التطور الهائل في مجال الذكاء الاصطناعي التي تقبل عليها البشرية، وتعد لها العدة الكثير من الدول ونأمل أن يكون العراق وشعبه من ضمنها، وهي عملية بسيطة في حال وجود رغبة حقيقية وصادقة من أصحاب القرار في الدولة والمجتمع.
إن صعوبة وجود فرص عمل مستقبلية وازدياد التنافس الوظيفي حالة مدركة من قبلنا، لكن وبصراحة نتبناها كما في كامل طروحاتنا، الأسباب تعود إلى سوء إدارة مفاصل الدولة من قبل القائمين عليها.
جميع التخصصات (الإدارية، الهندسية، العلمية، الإنسانية) تعاني من ذات المشكلة، مشكلة البطالة جراء انعدام التخطيط الواعي والمستند على أولوية المواطن ومصالحه ومستقبله، ومع الأسف الشديد يلجأ أصحاب القرار لتبني الانجازات الشكلية ذات (العوائد الإعلامية) دون التفكير الاستراتيجي الرامي إلى تحصين الحاضر وتأمين المستقبل لأبناء شعبنا المبتلى.
في عام 1948، أعلنت جامعة “هارفارد” عن إلغاء وظائف لتدريسيين في قسم الجغرافيا، بحجة انتفاء الحاجة لهذا التخصص تمهيداً لإلغائه، وتم توصيف علم الجغرافيا بالعلم القديم لاكتمال رسم الخرائط العالمية ولا حاجة لمن يختص به للمستقبل.
في العام 1963 أطلق عالم بريطاني مقيم في كندا يدعى روجر توملينسون (1933 – 2014)”نظم المعلومات الجغرافية” بعد دمجها بعلم البيانات، وانطلقت بعدها ثورة الـ (GIS) لتدخل في مفاصل حياتنا اليومية كأفراد ومؤسسات وحكومات وشركات، ولولا شخص مبدع تحدى قرار أعرق جامعات العالم لكنا متأخرين عقوداً من الزمن لتطوير الخدمات للإنسان في المجالات كافة (كالطب، الهندسة، الطوارئ، إدارة الكوارث، الجيش، الأمن، الاتصالات، وانتهاء بخدمات الإسعاف الفوري وتسليم الطلبات).
نحن نرى أن كل إنسان مشروع لمبتكر جديد قد يكون سبباً في مساعدة المجتمع الإنساني، سواء عبر وظيفته أو مدينته ومجتمعه الصغير أو دولته وشعبه، أو العالم بأكمله، لذلك علينا توفير أدوات النجاح والإبداع والعيش الكريم وفرص تحقيق الطموح لكل إنسان، ليكون سعيه لاحقاً معيار النجاح والتميز، أو الركون والانكفاء.
وعلى هذا الأساس بنينا في برنامجنا العملي والتطبيقي لإدارة الدولة في حال تمكنّا من تشكيل حكومة وطنية تطبيق برنامج متكامل لإدارة الرأسمال البشري الوطني، عبر مشاريع متكاملة قابلة للتطبيق على أرض الواقع وضمن الموارد والفرص المتاحة، دون أن تكون دعوات على الورق من أجل التكسب الانتخابي والظهور الإعلامي، وأن من مشاريع برامجنا الوطنية التطبيقية منح فرصة عمل كريمة وذات عائد يتجاوز مستوى الفقر لمليون مواطن عراقي يبحث بجد عن عمل يغنيه عن حياة العوز والفقر، ويمنحه فرصة ليكون لبنة من لبنات مجتمع جديد لائق بمستوى العراق وشعبه وثرواته.
وقد ذكرنا هذه المعلومة في سياق هذا الحديث لغرض إثبات إمكانية معالجة الاختلالات الحاصلة في اقتصاديات سوق العمل في العراق، رغم العقود العديدة التي عانى عبرها العراقيون كافة من سوء السياسات عامة والاقتصادية على وجه الخصوص.
أكرر دعوتي الخالصة والبعيدة عن أي منفعة خاصة؛ سياسية كانت أم انتخابية لكل مواطن مكّنه الله تعالى من تبوؤ منصب أو إشغال مكانة اجتماعية أو دينية أو رسمية أو اقتصادية، إلى النظر عبر الجوانب كافة لكل مشكلة موجودة أو متوقعة، أو لكل فرصة متاحة أو محتملة، واختم حديثي هذا بمقولة لألبرت آينشتاين (لكل مشكلة حل، وإن لم يكن لها حل فهي ليست مشكلة).
أمين عام تجمع الفاو زاخو
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز