اخبار اسلامية
أخر الأخبار

بإمامة الشيخ حسين المندلاوي.. خطبتا جمعة خانقين بمنطقة علي مراد

أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مسجد وحسينية الإمام الحسن المجتبى (ع) في خانقين/ منطقة علي مراد بإمامة الشيخ حسين المندلاوي  وحضور جمع مبارك من الإخوة المؤمنين.

وكان محور الخطبتين بعنوان (فضل الإطعام على حب الامام الحسين “ع “)، وتابعتهما “النعيم نيوز”:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾

صدق الله العلي العظيم

الآية الكريمة في سياق الآيات التي تتحدث عن الأبرار: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا﴾، ونحن نسير مع فقرات الآية فقرةً فقرةً.

استحباب الإطعام عمومًا

يدرج في الأعراف عموماً تقديم الناس الطعام بعضهم لبعض، بغضّ النظر عن حاجة المقدَّم إليه، كما هي الحال بين الجيران أنفسهم، ولا سيّما في بعض المناسبات، سواء أكانت في مناسبات فرح أم حزن، أو في أيام مباركة كما في شهر رمضان.

وتتأكّد هذه العادة العرفيّة إذا كان من يُقَدّم له الطعام فقيراً محتاجاً. وفي الروايات ما يفيد استحباب الإطعام في نفسه، كما ورد:

أ. عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “خيركم من أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلّى والناس نيام”(1).

ب. عن الإمام الصادق عليه السلام أيضاً عليه السلام: “من الإيمان حسن الخلق وإطعام الطعام”(2).

ج. عن الإمام الكاظم عليه السلام قال: “من موجبات مغفرة الله تبارك وتعالى إطعام الطعام” .

الفقرة الأولى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾.

هنا تفسيران في معنى «على حبه»:
التفسير الأول: «على حبه» أي: على حب الله عز وجل، أي أنهم يطعمون الطعام حبًا لله وابتغاء وجه الله، لا يرجون وراء إطعام الطعام جائزة من أحد، ولا شكرًا من أحد. لكنَّ هذا التفسير ضعيف؛ باعتبار أنَّ الله صرّح في الآية التي بعدها: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ﴾، فيكون ذلك تكرارًا، فكأنه يقول في الآية الأولى: ويطعمون الطعام على حب الله، ثم يرجع في الآية الأخرى ويقول: إنما نطعمكم لوجه الله، فيكون ذلك تكرارًا، والتكرار بعيد عن أسلوب القرآن الكريم.
التفسير الآخر: «على حبه» أي: على حب الطعام، أي: مع أنهم يحبون الطعام، ومع أنهم مضطرون إلى أكل الطعام، ومع أنهم محتاجون إلى تناول الطعام، مع ذلك، إيثارًا لغيرهم على أنفسهم يطعمون الطعام، ف ”على“ هنا بمعنى مع، أي: ويطعمون الطعام مع حبهم له، ويطعمون الطعام مع حاجتهم له، ويطعمون الطعام مع اضطرارهم إليه.

الفقرة الثانية: ﴿مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾.

المسكين واليتيم معلومان، ولكن ما معنى الأسير؟ الأسير هو الذي أسر من دار الحرب. حينما يغزو المسلمون دار الكفر، فيأسرون بعض الرجال، هذا عندما يؤتى به لدار الإسلام، يكون بعنوان الأسير. نعم، إذا أسلم، صار من جملة المسلمين، وأما إذا لم يسلم، يبقى تحت عنوان الأسير، فهذا هو المقصود بالآية.

الفقرة الثالثة: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ﴾.

هل معنى هذه الآية أن لله وجهًا؟ وتقول آية أخرى: ﴿يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾، هل له يد؟ طبعًا، الظاهريون الذين أخذوا بظواهر القرآن يقولون: القرآن كما صرّح بأن له يدًا ووجهًا وساقًا، فما دام القرآن صرّح بمجموع هذه الألفاظ نحمل القرآن على ظاهره، ونقول: له يد لا كالأيدي، وله رجل لا كالأرجل، وله وجه لا كالوجوه. ما معنى لا كالوجوه؟! ما معنى لا كالأرجل؟! ما معنى لا كالأيدي؟! لا معنى لذلك، ولكنهم يقولون: نحن نحمل الآيات على ظاهرها، ويأتي بعضهم ويبالغ في القضية، ويطورها إلى أكثر من هذا الأمر، فيروي مسند أحمد عن أبي هريرة عن رسول الله  أنَّ طول الله أربعة وعشرين ذراعًا، وعرضه سبعة أذرع! أي أن القضية تطورت من أن له رجلاً لا كالأرجل ويدًا لا كالأيدي، وصارت القضية أن له جسمًا مجسّدًا له طول وعرض!

على هذا الأساس، عندما نقول بأن المراد بوجه الله هو الصفات الفعلية، إذن ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ﴾ أي: إنما نطعمكم لطلب رحمة الله ومرضاته، ونترقى أكثر من هذا، ونقول: الصفات الفعلية مبدؤها الصفات الذاتية، وهذا يتوقف على اصطلاح موجود عند المتكلمين، وهو أن صفات الله عز وجل صفات ذاتية وصفات فعلية.

الصفات الفعلية هي ما يمكن نفيها، كالرحمة، فيقال مثلاً: لم يرحم الله فلانًا ورحم الله فلانًا، لم يخلق الله كذا، لم يرزق الله كذا، فتستطيع أن تنفي الرحمة ونحوها من الصفات الفعلية عن بعض الأشخاص أو الأزمان، وأما الصفات الذاتية فهي التي لا يمكن نفيها أبدًا، كالقدرة والحياة والعلم، فلا يصح أن يقال: لم يعلم الله بكذا، هذه صفة لا يمكن نفيها بحال، ولا يصح أن يقال: لم يقدر الله على كذا، هذه الصفة لا يمكن نفيها، أو لم يكن الله حيًا مثلاً، هذا لا يمكن، فالصفات التي لا يمكن نفيها، كالعلم والقدرة والحياة، نسميها صفات ذاتية، وأما الصفات التي يمكن نفيها، كالرحمة والخلق والرزق، نسميها صفات فعلية، وهذا هو الفرق بين الصفات الذاتية والفعلية.

الفقرة الرابعة: ﴿لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾.

ما هو الفرق بين الجزاء والشكور؟ الجزاء مقابلة فعل بفعل، أي: أنت تقدم لي خدمة، وأنا في المقابل أقدم لك خدمة أخرى، وأما الشكور فمقابلة الفعل باللسان، أنت تقدم لي خدمة معينة، فأقول لك: شكرًا، متكرم، متفضل، فمقابلة الشكر باللسان تسمى شكورًا، وأما مقابلة الفعل بالفعل فتسمى جزاء، فأهل البيت  يقولون: لا نريد منكم خدمة تقدمونها لنا، ولا ثناء باللسان أيضًا، وإنما نريد وجه الله عز وجل.

لم يكن في البيت شيء حتى يكون مائدة للطعام بعد الصوم، فاستدان الإمام علي – كما يقول صاحب الكشاف – من شمعون الخيبري ثلاثة أصوع من الحنطة والدقيق، وجاء بها إلى الزهراء . في أول يوم، عجنت شيئًا منها، وعملت خمسة أقراص بعددهم، فلما وُضِعَت مائدة الإفطار، وأرادوا أن يأكلوا، وإذا بمسكين على الباب يقول: أنا مسكين من مساكين المسلمين يا آل بيت محمد، وإذا بهذه النخبة كل واحد منهم يحاول أن يسبق الآخر في سبيل أن يحرز الفضيلة، وهي فضيلة التصدق والإيثار، الكبار – علي وفاطمة وفضة – يتحملون، لكن الطفلين أيضًا تسابقا إلى إحراز هذه الفضيلة، فتبرعا بما عندهما على ذلك المسكين.

في الليلة الثانية، وُضِعَت مائدة الإفطار، أرادوا أن يأكلوا، وإذا بيتيم على الباب، تسابقت النخبة إلى إحراز تلك الفضيلة، فآثروا ذلك اليتيم على أنفسهم، وتصدقوا بأقراصهم. وفي الليلة الثالثة، وقف أسير عليهم، تصدقوا بما عندهم من الأقراص، وباتوا ثلاثة أيام لم يشربوا إلا الماء، حتى كانوا يرتعشون كالفراخ.

أتى علي بالحسن والحسين إلى رسول الله، وقد انهارت صحتهما، فلما رأى الرسول ذلك تعجب وقال: قد ساءني ما أرى بكما. ثم جاء بهما إلى البيت، وإذا بفاطمة الزهراء – رغم هذا الجوع والصيام – واقفة في محرابها، صافة قدميها، رافعة يديها، ما أعظم فاطمة الزهراء! ابنها الحسن يقول: ”ما رأيتُ أعبد من فاطمة، كانت إذا قامت إلى الصلاة لا تنفل عنها حتى تتورم قدماها“، رآها الرسول وإذا قد التصق بطنها بظهرها من شدة الضمور والجوع، فتألم الرسول لذلك، جلس، فنزل جبرئيل من السماء وقال: أهنّئك يا رسول الله بهذه الآية، وتلا عليه هذه الآيات الكريمة.

ضربوا المثل الأروع في الإيثار، والمثل الأعلى في الصبر والصمود وقوة الإرادة، صغارًا وكبارًا، رجالاً ونساءً، ضربوا المثل الأروع في ذلك، وهكذا هي سيرتهم التي ساروا عليها، وربوا عليها أبناءهم ومتعلقيهم، سيرة الإيثار، سيرة الصمود، سيرة الإرادة وقوة السلطان على النفس وعلى شهواتها وغرائزها، وناهيك من النماذج التي تربت على مثل هذه التربية، وعلى مثل هذا الصمود، حسبك من تلك النماذج أبو الفضل العباس، هو من أولئك النفر الذين تربوا في حجر هؤلاء، ونهلوا من سيرة هؤلاء، وساروا عليها.

الإطعام على حبّ الحسين عليه السلام

اتّضح هذا الأمر من رواية مناجاة موسى عليه السلام في قول الله تعالى: “وما من عبدٍ أنفق من ماله في محبّة ابن بنت نبيّه – طعاماً وغير ذلك،…”. ولا يُراد من ابن بنت نبيّه إلّا الحسين عليه السلام؛ لأنّه هو الذي ورد في الفقرة السابقة من الرواية أنّه يُبكى عليه، فضلاً عن ثواب من يبكيه.

ومضافاً إلى صدق قول الإمام عليه السلام: “فينا”، فإنّ التعلّق العاطفيّ للمؤمنين بسيّد الشهداء والحبّ الفطريّ المغروس في قلوبهم له عليه السلام، يجعلهم يندفعون لتقديم النفس والمال في سبيله وعلى حبّه عليه السلام. وهذا لا يُعدّ غلوّاً ولا مبالغة أبداً، فإنَّ المقام الأسنى والشأن الأرفع لسيّد الشهداء عليه السلام لا يدركه إلَّا من أنعم الله عليه بنعمة الولاية والبصيرة والمعرفة، وهو مصاف الأنبياء والأوصياء والأولياء عليهم السلام.

وقليل في جنابه عليه السلام أن يقدّم الطعام على حبّه، وقد قدَّم نفسه وأنفس أهل بيته الطيّبين من آل أبي طالب وأصحابه الكرام البررة في سبيل إعلاء كلمة الإسلام وبقائه عبر الأجيال إلى يوم القيامة، كما لم يبخل بتقديم ماله وطعامه لسائل أو محتاج ابتغاء وجه الله تعالى.

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى