مقالات
أخر الأخبار

البطاقة الإلكترونية بين التسهيل والاحتيال

كتب علي لفتة سعيد: أصبح العالم غارقاً في استخدام البطاقة الإلكترونية في المعاملات المالية وغير المالية، بعد أن سبقنا بعقودٍ في ذلك، وكنا نسمع، ثم نرى، هذه البطاقات التي تشبه الهويات، وهي تُستخدم بدلاً من الكُتل النقدية في التعاملات اليومية وغير اليومية.

 

وهو الأمر الذي جعل كثيراً من دول العالم تتّجه لاستخدام هذه الطريقة التي تُخفّف من أعباء المواطنين من جهة، وتعود بالفائدة الربحية للدول من خلال الشركات التي يقع عليها إصدار هذه البطاقات، وتشغيل العديد من الأيدي العاملة، والمحافظة على الكُتل النقدية من التلف والتنقّل والتعرّض للسرقة، لأن هذه البطاقات تحتوي على أرقامٍ سريةٍ ورموزٍ وبصماتٍ وإمضاءاتٍ لا يمكن الوصول إليها، من قِبَل المواطنين الآخرين، إلّا إذا تم الحصول على معلومات البطاقة، والتي يصعب الحصول عليها إلّا بطرق احتيالٍ خاصة، تشترك فيها أكثر من جهة.

وواحدة من أهم فوائد التعاملات الإلكترونية هي محاربة الفساد وتقليل الضائعات في عملية البيع بالنقد الورقي، التي قد تبدو قليلةً لدى المواطن البسيط، لكنها تكون كبيرة في جمعها اليومي من عدد غير قليلٍ من المواطنين، كما كان يحصل في محطات الوقود، أو عند دفع الرسوم أو الضرائب لهذه الدائرة أو تلك، فمن خلال البطاقة الإلكترونية، يكون الدفع للمبلغ المخصّص دون زيادة.

لكن هذه الآلية أصبحت نقمةً على العديد من المواطنين الذين يقعون ضحية احتيال ونصب من قِبَل جهات لها معرفة عميقة بخفايا عالم البطاقات الإلكترونية واختراق الحسابات، ومن ثم القيام بسحب الأموال منها وتصفيرها دون علم صاحب البطاقة، بل وصل الأمر إلى سحب سُلف باسم صاحب البطاقة ولأكثر من مرّةٍ خلال شهرٍ واحد، بل وصل الأمر إلى سحب أموال من بطاقات مواطنين وإيداعها في بطاقاتٍ مسروقة، مما يؤدّي إلى قيام المسروق بتقديم الشكوى على صاحب البطاقة المسروقة الأولى، باعتباره هو مَن سرق الرصيد المالي، مما يؤدّي إلى حصول مشاكل ومحاكم قد تصل إلى السجن، خاصةً إذا كانت الأموال المسحوبة بالملايين.

وفوق كل ذلك، يتعرّض صاحب البطاقة إلى إيقاف دفع مبالغ الراتب، لحين تسديد كافة المبالغ المسروقة، مما يعني إغراقه في مشاكل عديدة، غير مالية.

إن هذه الآلية تحتاج إلى القيام بحملة ليست توعوية فحسب، بل حملة لمحاربة الجهات التي تقوم بهذه الأفعال، وهي جهات تكون شبه معروفة من خلال معرفة بعض الموظفين في هذه الجهة الإصدارية للبطاقات الإلكترونية أو تلك، عبر تتبّع سحب الأموال أو الحصول على سُلف متتالية خلال أسبوع مثلاً، وهو أمر لا يمكن أن يحصل عليه المواطن بهذه السرعة وبتلك المبالغ، خاصةً أن الخطوة الأولى تبدأ من هنا، عبر تزويد الموظف للجهات التي تقوم بعمليات النصب والاحتيال بمعلومات عن هذا المواطن، وهو إمّا موظف أو متقاعد في أغلب الأحيان، من أجل الاتصال به وإغرائه أو جذبه بطريقة شيطانية إلى التصديق بأن له معاملة تقديم سُلفة، أو أنه يمكنه الحصول على السُلف، وأن أرقامه واضحة، ولديهم كافة المعلومات التي تُقدَّم إلى المُغرَّر به، وأن الأمر حتى يكتمل بحاجة إلى بصمة وصورة وتوقيع وموافقة، ومن ثم إغلاق الهاتف، ليتفاجأ المواطن بأن أمواله قد سُحبت، ورواتبه توقّفت، وأن عليه تسديد كافة الأموال التي سُحبت من رصيده، فضلاً عن تسديد الأموال التي سُحبت من بطاقات آخرين وتم تحويلها إلى رقم بطاقته.

إن البطاقة الإلكترونية، في ظل هذا الواقع، تبدو أكثر عبئاً على المواطنين، وهي تقلّل الثقة في التعاملات المالية، فليس الجميع يعرف الآليات، وليس للجميع القدرة على التمييز بين مَن يحتال عليه، ومَن يريد تقديم الخدمة.

ويبقى السؤال موجهاً إلى دوائر إصدار البطاقة الإلكترونية، من هو الذي يمكنه الوصول إلى كافة المعلومات، إن لم يكن واحداً من الموظفين المتواطئين مع الفاسدين؟ وكيف يمكن منح سُلف متتالية خلال أسابيع تصل إلى عشرات الملايين، في حين أن مَن يريد التقديم بشكل أصولي على برنامج (سلّفني) مثلاً، لا يحصل على مبلغ السُلفة إلّا بعد مراجعات عديدة قد تصل إلى أشهر؟.

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى