
بقلم: نهاد الزركاني
تمهيد
ليس من المصادفة أن تُحاصر هذه المدرسة في كل مكان، ليس لأنها طائفة كما يحاولون توصيفها، بل لأنها منهج، مدرسة لها معلمٌ هو الخاتم، رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وتلميذها الأول علي بن أبي طالب، وذروة سنامها الحسين بن علي.
إنها مدرسة لم تقف عند سرديات البكاء، بل جعلت الوعي فريضة، والموقف عهداً، والمظلومية مسؤولية، لا تبريراً.
المحور الأول: من التشيّع إلى الوعي
أن تكون شيعياً لا يعني أن تولد في بيئة تنتمي اسمياً لهذه المدرسة، بل أن تحمل على عاتقك مشروع “الشهادة الواعية”، وأن تسلك درب الرفض لكل طاغوت، لقد خُشي من التشيّع حين خرج من الجدران إلى الفعل، ومن الشعائر إلى الثورة، ومن الطقوس إلى الفهم، ومن المذهب إلى الإنسان.
ليس وعي الشيعة هو ما يُدرس في المناهج، بل هو ما يُمحى من الذاكرة، لأنه حين يُدرس، ينهض المظلوم في الهند، ويثور العبد في أمريكا، ويعيد العربي فهم العدل لا الخلافة، والإنسان فهم الدين لا السلطة.
المحور الثاني: لماذا تُخشى هذه المدرسة؟
كل المدارس يمكن التفاهم معها، إلا هذه، لأنها لا تُهادن، لا تدخل في صفقات، لا تؤمن بأن “درء الفتنة أولى من الإصلاح”، هذه مدرسة تقول: (هيهات منا الذلة) لا شعاراً، بل ميثاقاً.
وما دام هناك حسين، فسيكون هناك يقين بأن الطاغوت سيهزم، ولو بعد حين، لذا، يُخشى من وعي الشيعة لا من أسمائهم، لا يُخاف من عمامة أو سبحة أو مأتم، بل من سؤال: “أين الحق؟”، و((من الحاكم بغير عدل؟))
هذه المدرسة تُربك مشاريع الطغيان، لأنها لا تقبل بالسكوت باسم “المصلحة”، ولا بالتعايش مع الظلم باسم “الاستقرار”، ولا بالتقية بمعناها التحريفي، بل تُحوّل الخوف إلى حكمة، والمظلومية إلى شرارة.
المحور الثالث: خطورة الوعي الشيعي المعاصر
في زمن الحداثة وما بعدها، لم يعد الوعي يُحاصر بالسيف، بل يُغرق بالتفاهة، وهنا تصبح هذه المدرسة أخطر، لأنها تُعيد ترتيب المفاهيم: تجعل من الحسين منارةً للوعي، لا حُزناً للتخدير. ومن عاشوراء محطةً للتساؤل لا للتكفير.
لقد خافت الأنظمة، والإمبراطوريات، والمخابرات، والمستشرقون، من هذه المدرسة حين وُلدت فيها مفاهيم مثل: العدل الإلهي، الإمامة، الشورى الواعية، ورفض الجبت والطاغوت.
فهل المشكلة في أن الشيعة يبكون؟ أم في أنهم بدأوا يفهمون؟
وهل الخطر في “اللطم”؟ أم في قراءة التاريخ بعيون الشهداء لا بعيون السلاطين؟
خاتمة: الطغاة هم الخائفون منا
ليست هذه مدرسةً مذهبية، بل مدرسة رسالية، مفتوحةٌ لكل الأحرار، لأن الحسين ليس للشيعة وحدهم، بل للضمير الإنساني كله.
كلما اقتربنا من جوهر هذه المدرسة، اقتربنا من الحقيقة. وكلما تجردنا من الطائفية، ازددنا وعياً بعمق المسألة.
بل الطغاة هم الخائفون منا،
حين نُعيد الحسين حياً فينا.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز