
كتب طالب سعدون: يصعب على القلم أن يكتب عن الفواجع لأنها تدمي القلوب والعيون وتجرح المشاعر، فاجعة الكوت ليست الأولى وأرجو وأدعو أن تكون الأخيرة، لكن ينبغي ألا تمر دون أن تدرس بإمعان وشفافية وواقعية بلا تبرير أو دفاع أو تنكيل أو تسقيط إداري أو سياسي أو تشهير كي لا تتكرر.
الحوادث تحصل في كل العالم ولن تستثنى منها دولة مهما كبر أو صغر موقعها في التقدم والحضارة، فقد شهدت أمريكا وبريطانيا واليابان والصين وغيرها حوادث راح ضحيتها المئات والآلاف، لكنها تعاملت معها وتعلمت منها بما يمنع تكرارها أو تكون الخسائر في حدها الأدنى.
الدول المتقدمة لم تكتف بالتحقيقات الجنائية والإدارية للحوادث، رغم أهميتها، لمعرفة المتسبب وإدانته ومعاقبته ثم تُنسى بعدها لتأخذ مكانها في الأرشيف والحفظ.
الدول المتقدمة تأخذ من الحادث عبرة وعظة في حالة تكراره أو احتمال تكراره ودرساً مهماً في السلامة والأمان، وتكتسب من الخطأ فيه خبرة وتجعله فرصة للتعلم ووضع الخطط اللازمة، وعندها تتوصل بسرعة إلى العلاج الشافي وعدم تكراره، بما في ذلك وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وإحداث تغييرات جوهرية في وسائل السلامة والتصنيع والأداء والتنمية، على أسس راسخة وبناء كفاءات وطنية تستجيب لحاجة البلاد وتطورها وحماية إنسانها، ووفق هذه الأسس شهد (عالم السلامة) تقدماً كبيراً في الوسائل والأساليب.
الدول المتقدمة تعد الحوادث تحدياً كبيراً لتقدمها، يقف أمام إنجازاتها ومسيرتها في التطور والبناء وحماية الإنسان، فالصين على سبيل المثال تستخدم الآن طائرات بدون طيار في المناطق التي يصعب الوصول إليها من قبل الدفاع المدني، مثل المباني العالية أو المصانع الكيمياوية وما على شاكلتهما من الخطورة، لكي تمنع وقوع الخسائر أو تكون في الحد البسيط جداً أو المسموح به فنياً.
في الصين تنطلق هذه الطائرات (الدرون) بسرعة قياسية بعد الحادث، بتنسيق في ما بينها، وتعمل بدقة مذهلة دون تدخل بشري وفي اصعب المواقف.
وبعد تكرار حوادث الطائرات والقطارات أعادت دول النظر في تصنيعها من أجل تلافي الأخطاء فيها، وفي وسائل الأمان وإرشادات السلامة ومراقبة الطرق وفحصها باستمرار، سواء في المواد المستخدمة أو تأثيثها بالإنارة والعلامات المرورية لتلافي الحوادث ومعالجتها سريعاً، دون أن تشكل تهديداً بشرياً ومالياً خطيراً للبلاد، وتكون الدولة بذلك قد ضمنت السلامة والأمان للوطن والمواطن، وحققت المواصفات المطلوبة لعمل مؤسساتها وسلامتها والنظر في الحادث بواقعية وحلول سريعة وشفافية عالية بدل الانشغال بالتبرير أو التشهير.
في مقال سابق (الشارع مرآة المدينة في 10 – 7 -2025) اقترحت ألّا ينتهي واجب الجهة المنفذة لأي مشروع بإنجازه وتسليمه إلى الجهة المستفيدة، بل يقتضي أن تكون هناك فقرة ملزمة وثابتة في العقود لتجربة العمل وسلامته، ويتحمل المنفذ بموجبه مسؤولية الصيانة والإصلاح خلال مدة يتفق عليها في العقد وفرض غرامات وعقوبات على المخالفين، مما يجعل عملهم دقيقاً، وفق المواصفات المطلوبة ونسب المواد المستخدمة والمعايير القياسية والجودة الفنية العالية، وأن يتقبل منفذ المشروع هذا الشرط الملزم ما دام واثقاً من عمله وله قدرة على يقاوم المتغيرات والحوادث ضمن عمره الافتراضي، وعندها تكون الجهة المستفيدة قد ضمنت الجودة والمتانة وأنه لم يتقدم إلى هذا العمل إلا من هو واثق من كفاءته ودقة عمله ومن يحافظ على سمعته.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز