مقالات
أخر الأخبار

غزة والشرق الأوسط.. ملفاتٌ متداخلةٌ تحت المجهر

كتب محمد صالح صدقيان.. تتأرجح المسألة الايرانية بين عدة ملفات معقدة وشائكة شرق اوسطية لكنها تتمحور في اطار الامن القومي الاسرائيلي بعدما منحت ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب مهمة ترتيب الشرق الاوسط للكيان الصهيوني، بالشكل الذي يريده هذا الكيان مفصل علی مقاساته.

تصورت ادارة ترامب ان مثل هذه المهمة سوف تكون في متناول اليد وبالسرعة التي رأتها؛ متناسية الاهداف الحقيقة التي يطمح اليها الكيان والتي عبر عنها رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو بكل وضوح وشفافية الی “اسرائيل الكبری».

تجاوبت جميع الاطراف المعنية بأمن المنطقة بــ”اتفاق غزة”، الذي طرحه الرئيس الامريكي وتمنت ان يأخذ هذا الاتفاق مجراه في انهاء الحرب علی غزة وان يحقق الحقوق الفلسطينية بما في ذلك تشكيل الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف. إلا أن هذه الاطراف شككت بامكانية التزام الجانب الاسرائيلي بهذا الاتفاق الذي قبلته حركة حماس .

لقد كانت هذه الاطراف محقة عندما طالبت الادارة الامريكية بالإشراف علی وقف اطلاق النار وتنفيذ مراحل الاتفاق بعد أن تمت المرحلة الأولى بتبادل الأسرى؛ الا ان جميع هذه الاطراف تعتقد ان الجانب الاسرائيلي لا يمكن الاعتماد عليه ولا الثقة به لأنه ومنذ اكثر من سبعة عقود كان ناقض لكل العهود، التي اعطاها للمجتمع الدولي والاقليمي، وبالتالي من الصعب الاتكال عليه وعلی التزاماته ما دفع الادارة الامريكية التي تهدف الی انهاء الحرب في غزة من اجل السير بطريق تنمية الاتفاقيات الابراهيمية والانتهاء من المشكلة الفلسطينية في الشرق الاوسط.

ولذلك شد الرئيس ترامب الرحال الی تل ابيب، ليعلن من هناك انتهاء الحرب ليرسل للكيان رسالة واضحة بانه المسؤول الاول علی انهاء الحرب؛ ثم توالت الزيارات، التي ساهم فيها نائب الرئيس جي دي فانس؛ ووزير الخارجية ماركو روبيو؛ ومندوب الرئيس للشرق الاوسط استيف ويتكوف؛ وصهر الرئيس المشرف علی الاتفاقيات الابراهيمية جاريد كوشنر. علما ان روبيو زار الكيان لمرتين بعد زيارة الرئيس ترامب.

هذه الزيارات المكثفة التي جرت اثناء تنفيذ المرحلة الاولی من الاتفاق تشي بان هناك عدم اطمئنان من قبل الادارة علی تنفيذ الاتفاق بعد أن ضمَّنه الرئيس ترامب امام المجتمع الدولي، وتحديدا الدول التي حضرت مؤتمر شرم الشيخ، الذي أراده الرئيس ترامب استعراضا سياسيا عالميا ليتوج رائدا من رواد السلام في المجتمع الدولي.

وفي سياق أزمة وقف إطلاق النار في غزة، التي دخلت حيز التنفيذ في 10 أكتوبر 2025، يبرز دور إيران كعامل معقد يجمع بين الدعم السياسي والعسكري لحركة حماس والفصائل الفلسطينية، وبقية فصائل المحور بما في ذلك حركة انصار الله اليمنية، التي اعلن قائد الحرس الثوري محمد باكبور استمرار وقوف ايران الی جانبها لمواجهة “الغطرسة والهيمنة الامريكية والاستكبارية “.

وفي ظل هذه الاجواء نقلت مصادر ايرانية مطلعة الی ان مبعوث الرئيس الامريكي للشرق الاوسط استيف ويتكوف بعث برسالة الی طهران عبر وسيط بعد العدوان الاسرائيلي الأمريكي علی ايران ذكر فيها الشروط الامريكية لاستئناف المفاوضات وهي : قطع جميع العلاقات مع فصائل محور المقاومة وتفكيك جميع أنشطة التخصيب والمعامل والمنشآت النووية المرتبطة بها، اضافة الى تفكيك جميع الصواريخ، التي تزيد مداها عن 450 كيلومترا.

ولم تذكر رسالة ويتكوف وماذا بعد ذلك؟ وماذا سيكون؟ واين هي مكانة العقوبات المفروضة علی ايران سواء تلك الصادرة من وزارة الخزانة الامريكية او تلك المفعلة من قبل مجلس الامن الدولي؟.

المصادر ذاتها نقلت ان طهران لم ترد علی الرسالة لانها لن تقبل اصلا الشروط المسبقة لاستئناف المفاوضات لانها ستكون املاءات وليست مفاوضات لكن المرشد الايراني الاعلی رد في خطاب علی هذه الرسالة ورفض اي شروط مسبقة لاستئناف المفاوضات مشيرا الی ان المنشآت النووية التي استهدفتها الطائرات الامريكية لم تدمر ؛ كما أن عددا من كبار المسؤولين الايرانيين كوزير الخارجية وامين المجلس الاعلی للامن القومي أجابوا من خلال تصريحات علی فحوی الرسالة، والتي فٌهم منها أن إيران غير مستعدة لمناقشة المنظومة الصاروخية مع أي طرف خارجي وهذه المنظومة، تندرج في اطار القوة الدفاعية التي تمتلكها ايران وهي غير قابلة للنقاش او المساومة؛ تبقی بقية المواضيع العالقة فهي تٌبحث علی طاولة مفاوضات جادة تستند إلی الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وقاعدة رابح رابح .

ويسود الاعتقاد ان الجانبين الايراني والامريكي يتلاعبان بالوقت. فواشنطن تريد زيادة الضغوط الاقتصادية علی طهران من أجل أتعابها للحصول علی المزيد من التنازلات؛ فيما تستعد طهران في طريقها ومسالكها لتجاوز العقوبات والصمود امام هذه العقوبات، كما صمدت خلال العقود الماضية؛ والاثبات أن خيار العقوبات لا يمكن له ان يضغط علی الشعب الايراني الذي لا يريد الركوع امام العدو. اما اذا اراد الرئيس ترامب أن يستخدم نظرية “ابواب جهنم” التي استخدمها مع حماس؛ فإن الحالة تختلف مع ايران حيث يقول الإيرانيون إن هذا الأبواب اذا ما فتحت فانها ستُفتح علی الجميع وأن أقرب القواعد الامريكية الموجودة في المنطقة هي “اسرائيل».

اما منطقة الشرق الاوسط فان ملفاتها متداخلة – تضيف المصادر الايرانية – فمن يريد حل هذه الملفات يجب حلها بواقعية سياسية وواقعية عقلانية لا تتوفر عند الكيان الاسرائيلي ومسؤوليه. ومن يريد أن يجرب فنحن هنا – تضيف طهران – ومن يريد أن يصل لاتفاق فإن كل الطرق تؤدي إلی روما.

 

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى