مقالات
أخر الأخبار

سلسلة “الذلة سنة للمعاندين والنصرة وعد للمؤمنين: تأملات في تاريخ بني إسرائيل”

الحلقة الثالثة :العدوان الإسرائيلي على إيران: وجوه النفع غير المباشرة لإيران والمنطقة والعالم

{إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا يَرْجُونَ} [النساء: 104]

لقد شهدت وتشهد الساحة الدولية تصعيدا خطيرا تمثل في قصف الكيان الصهيوني لأهداف داخل العمق الإيراني، في خطوة غير مسبوقة من حيث المباشرة والمخاطرة. ورغم الطابع العدواني لهذا الهجوم، فإن الأحداث الكبرى غالبا ما تثمر آثارا غير مباشرة، فرغم الطابع التدميري الذي حمله هذا العدوان وعظيم الفقد لقيادات كبيرة ومهة وملهمة ، وكذلك وضوح الوحشية بقتل النساء والأطفال والشيوخ ، إلا أن العقل السياسي الواعي يحسن تحويل التحديات إلى فرص، ويعيد توجيه الأزمات لصالح الاستراتيجية الكبرى للأمة. وهو ما أشارت له الآية الكريمة المتقدمة، وفي هذا السياق، نسلط الضوء على أبرز وجوه النفع التي أفرزها هذا الحدث لإيران، وللمنطقة، بل وللمجتمع الدولي.

أولا: وجوه النفع لإيران

1. تعزيز المظلومية الدولية

فإن العدوان على سيادة دولة مستقلة دون غطاء قانوني يكسب إيران موقفا قانونيا وأخلاقيا قويا في المحافل الدولية، وبنفس الوقت يظهر الصورة الحقيقة لإسرائيل المتعدية المستكبرة .

2. توحيد الصف الداخلي

إن الهجوم الخارجي ساهم في تعبئة الرأي العام الإيراني والتفاف الشعب حول قيادته، بحيث سمعنا تصريحات بعض المعارضين الإيرانيين كيف فهموا أن الوقوف مع الإستكبار يعتبر من التناقضات التي يسخر منها الجاهل، بل الطفل الذي لا يدرك شيئا، كما أن هذا الحدث جعل الجبهة الداخلية المتماسكة أكثر ثباتا وعزيمة وأستبسالا نحو التضحية .

3. شرعنة السياسات الدفاعية والنووية

إن الهجوم الغادر يبرر لإيران تسريع تطوير منظومتها الدفاعية والصاروخية، ويقوي موقفها في تعزيز برنامجها النووي بوصفه ضرورة سيادية، ولعل أحدا يعترض ويقول أن الجمهورية الإسلامية لم تصرح بذلك، أقول نعم لكن من الثمار التي يمكن أن تنتفع منها هو المعنى المتقدم فيبقى خيارا بيد أصحاب القرار وهم أعرف المصلحة من غيرهم .

4. تحسين الجهوزية الأمنية

كما أن الهجوم الغاشم كشف ثغرات في الداخل الإيراني كوجود متعاونين مع الموساد، ولعل قوى الأمن لم تكن تبحث عنهم بجد خشية أتهام النظام بتهم ينتفع منها أعداء الجمهورية الإسلامية ، كتهمة الدكتاتورية وفتح باب المظلومية المصطنعة للخونة والعملاء، وهذا الإنكشاف للواقع سيساعد إيران على إعادة تقييم قدراتها وتعزيز نقاط ضعفها والقضاء على أعدائها وخصوصا من الداخل .

5. إظهار قوة الردع

إن العدوان أعطى فرصة لإيران الإسلام أن تظهر شيئا من قدراتها العسكرية لردع العدوان ودك أهداف مهمة على أراضي فلسطين المحتلة، وهو ما جعل العالم منبهرا بما تقوم به إيران الإسلامية

6. أعادة تقييم مدعي عجز الحوزة عن مجارات التقدم

لقد كان بعض دعاة التطور والذي يستهزؤن بالدين يسخرون من تجربة الحكم الإسلامي، بل يصفون حكم الولي الفقيه بنظام الملالي ولكن مع تصاعد الأحداث أثبتت إيران الإسلامية أن لا أحد في العالم يمكنه القضاء على غطرسة وأستهتار الأنظمة المستبدة غير حكم الله تعالى على الأرض والذي يقوده أولياء الله تعالى، أقول أيها الأخوة هذه دولة التمهيد فكيف سيكون العالم كله في ظل دولة القسط والعدل على يد صاحب الزمان عج

7. تعزيز خطاب محور المقاومة

الاعتداء ساهم في إبراز إيران كضحية للعدوان الإسرائيلي، ما يعزز مكانتها كحامية لمحور المقاومة في الوجدان الشعبي للمنطقة، وهي كذلك لأنها منذ زمن السيد الخميني قدس سره كانت تدعوا لنصرة المستضعفين في العالم، وتبنت قضية فلسطين كقضية مصيرية ضمن دائرة العقيدة الإسلامية والثورة الإيرانية.

ثانيا: وجوه النفع للمنطقة

1. كشف السلوك العدواني الإسرائيلي

العدوان على إيران كشف بوضوح أن الكيان الصهيوني لا يهدد الفلسطينيين فحسب، بل هو تهديد مباشر لكل شعوب ودول المنطقة، وما تصريحات نتن ياهو السابقة التي يصف فيها باكستان بأنها الضحية التي يريد أسقاطها بعد إيران وعرضه لخارطة شرق أوسط جديد إلا دليل واضح على ما أدعي، وهو بنفس الوقت الذي جعل باكستان ترفع صوتها عاليا بوجه إسرائيل مشيرة إلى مد يد العون لإيران إذا ما طلبت ذلك .

2. إعادة الاعتبار لخيار الممانعة

الاعتداء قد يدفع بعض الدول لمراجعة خيارات التطبيع والتحالف، والعودة لخطاب السيادة والكرامة، وهو ما لاح في أفق بعض تلك الأنظمة لإدراكها خطأ ما قامت به من مد يد المصالحة مع الكيان الصهيوني المستبد .

3. تقوية الوعي الشعبي بوحدة المصير

التهديد المشترك ولد شعورا عاما بأن أمن المنطقة لا يتجزأ، ما يعزز فرص التعاون الشعبي والسياسي، وهو ما يفترض العمل عليه وأستثمار الفرصة لبيانه أكثر وكتابة خطواته، ليتجذر في ضمير الأمة ووعيها .

4. العدوان دفع دول الخليج على وجه الخصوص نحو تغيير بعض مواقفها من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأن الاعتماد على القوى الغربية فخ قد سقطوا فيه، وما أبتزاز رئيس الولايات المتحدة الأمريكية إلا دليل واضح على ذلك ، وهو ما يستدعي تعزيز قرار السيادة في السياسة الدفاعية فضلا عن التفكير بالمصير المشترك .

ثالثا: وجوه النفع للعالم

1. فضح ازدواجية المعايير الدولية

العدوان سلط الضوء على صمت بعض القوى الدولية أمام خروقات إسرائيل، ما قد يسرع مراجعات حقوقية وإعلامية لهذه المعايير، وهو ما ظهر حتى من داخل بعض تلك الدول التي تتلاعب بمقدرات العالم وتحت عناوين خداعة .

2. فتح المجال لمبادرات وساطة دولية جديدة

التصعيد دفع دولا فاعلة نحو تقديم مبادرات لخفض التوتر، مما يعزز حضور الدبلوماسية الدولية، وإن كنا لا نثق بالتصريحات لكن لنتركها فرصة لإثبات حسن النوايا أمام تلك الدول .

3. إعادة طرح ملف الأسلحة النووية في الشرق الأوسط

العدوان يعيد النقاش حول ضرورة إخضاع الكيان الصهيوني لنفس الضغوط التي تمارس على إيران، بشأن ملف التسلّح النووي، وهو ما يجب على الدول الإسلامية أغتنامه لكبح جماح هذا الكيان اللقيط .

وفي ختام الكلام أقول أن هذه المقالة لفتح الباب للقادة السياسيين ومن قبلهم الدعاة الإسلاميين لفتح القلوب لبعضهم البعض ومد يد التعاون لتكون الأحداث الجارية مصداقا للحكمة ” رب ضارة نافعة”

الخطيب الحسيني السيد رسول الياسري

ليله الأربعاء المصادف ٢٠٢٥/٦/١٧

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى