مقالات
أخر الأخبار

رجب وشعبان… شهرا الإعداد والتأهيل لشهر رمضان المبارك (الحلقة الثانية)

رجب وشعبان… شهرا الإعداد والتأهيل لشهر رمضان المبارك (الحلقة الثانية) بقلم السيد رسول الياسري

رمضان المعرفة… وصناعة الوعي قبل الدخول إلى ضيافة الله

قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم:﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: 9] وقال سبحانه: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: 28].

إن شهر رمضان المبارك ليس شهر العبادة الشكلية فحسب، بل هو شهر المعرفة والبصيرة، ولا تجنى ثمرة الصيام الحقيقية إلا إذا سبق بإعداد معرفي وأخلاقي وروحي واع.

ومن هنا تتجلى أهمية شهري رجب وشعبان بوصفهما مرحلتي الإعداد والتأهيل للدخول المسؤول والواعي إلى ضيافة الله تعالى.

وانطلاقا من هذا الفهم، تأتي هذه الحلقة لتكون ورقة عمل لبرنامج معرفي سنوي تتبناه مؤسسات دينية وثقافية، استجابة للدور الأساس الذي رسمته المرجعية الدينية الرشيدة، والحوزات العلمية، في بناء الإنسان الواعي المكلف، القادر على تحويل العبادة إلى مشروع إصلاح ذاتي واجتماعي.

أولا: الرؤية العامة للبرنامج
اسم البرنامج:
الإعداد المعرفي لشهر رمضان المبارك

المدة: ثلاثة أشهر تقريبا (ابتداء من أول شهر رجب)

الهدف العام:
إعداد المكلف معرفيا وشرعيا وأخلاقيا للدخول إلى شهر رمضان بوعي وبصيرة.

المنهج:دروس مختصرة، مركزة، عملية، تراعي واقع الناس وحاجاتهم الابتلائية، وتربط العلم بالسلوك.

ثانيا: محاور البرنامج الدراسية
١_ درس العقائد
المصدر:دورة عقائدية لآية الله السيد عبد الحسين دستغيب (قدس سره)، المكونة من خمسة مباحث، لما تمتاز به من عمق عقائدي وبعد أخلاقي واجتماعي.

آلية التطبيق:
تقسم الدورة على خمس سنوات.

السنة الأولى: مبحث التوحيد.
الهدف:ترسيخ المعرفة بالله تعالى بوصفها الأساس لكل عبادة، مصداقا لقوله تعالى:
﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [محمد: 19].

٢_ درس الفقه
المنهج:اختيار باب فقهي واحد فقط في كل سنة.
التركيز على المسائل الابتلائية.

ترك المسائل الافتراضية التي تشتت ذهن المكلف ولا تثمر عملا.

السنة الأولى:باب الصوم؛ ليكون الصيام حركة منسجمة مع الشريعة الإسلامية ووعي أحكامها.

المنهجية:
فرز المسائل الابتلائية وتقديمها بأساليب متعددة.

الاستفادة من تجربة الشهيد الصدر (قدس سره) في معالجة المسائل الاستفتائية ومسائل وردود.

الإفادة من منهج سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) في الفقه الاجتماعي، حيث تطرح المسألة الفقهية مقرونة بالنصيحة والتنبيه الأخلاقي والاجتماعي.

٣_ درس الأخلاق
الأهمية:وهو من أكثر الدروس حاجة في واقعنا المعاصر؛ إذ لا قيمة لعلم لا يهذب النفس ولا يقوم السلوك.

المحتوى:عشرة عناوين أخلاقية أساسية لكل موسم، من أبرزها:
الغيبة*النصيحة
النميمة*الإصلاح
الكذب *الصدق
البهتان *الإنصاف
الرياء * الإخلاص

المنهج:شرح مفصل، تطبيقات عملية، وامتحانات تقييمية.

ثالثا: التنظيم الزمني للدروس
مدة الدرس الواحد:
نصف ساعة.

طلبة المدارس:
الأيام: الخميس، الجمعة، السبت.
التوقيت: بعد صلاة المغرب والعشاء بساعة ونصف؛ مراعاة للصائمين

الكبار من الرجال (غير المرتبطين بالدراسة):دروس يومية.

النساء:نفس أيام الطلبة (الخميس، الجمعة، السبت).
في النهار، ويفضل يوما الجمعة والسبت؛ تخفيفا عنهن.

رابعا: أماكن إقامة الدورات
المساجد.
الحوزات العلمية المفتوحة في المحافظات.
بيوت الوجهاء الأخيار في المناطق التي تخلو من المساجد أو المدارس، أو التي تشهد كثافة عالية في أعداد الطلبة.

خامسا: الكادر التدريسي
اختيار كادر يمتلك القدرة على إيصال المعلومة لعموم الناس.
تجنب الجمود في اللغة والأسلوب، والابتعاد عن التعقيد الحوزوي غير الضروري.
اعتماد الأسلوب الواضح، القريب، والتفاعلي؛ لأن جمود الطرح ينفر الناس من العلم بدل أن يجذبهم إليه.

سادسا: التوقيت والتكريم
بداية البرنامج:
أول شهر رجب.
نهاية البرنامج:
قبيل عيد الفطر المبارك.
حفل الختام:
تكريم المشاركين.
إعلان النتائج.
التحفيز على الاستمرار في المراحل اللاحقة من المشروع.

أيها الإخوة والأخوات الكرام،
إن هذا البرنامج ليس ترفا ثقافيا، بل هو استجابة عملية لنداء القرآن في إعداد الإنسان الواعي، وسد لحاجة المجتمع إلى عبادة قائمة على العلم والبصيرة.

فالدخول إلى شهر رمضان بلا معرفة، كالدخول إلى ميدان العبادة بلا سلاح.

وكما قال أمير المؤمنين عليه السلام:«قيمة كل امرئ ما يحسنه»
فلنحسن الإعداد، لنحسن الصيام، ولنكن في شهر رمضان من أهل المعرفة لا من أهل العادة.

أيها الأحبة
ولا نزال معكم لإتمام بقية البرنامج… إن بقينا وبقيت الحياة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى