خُطْبَةُ جمعة النجف المَركَزِيَّةُ الصَّادِرَةُ عَنْ مُؤَسَّسَةِ أَحْيُوا أَمْرَنَا لِلتَّبْلِيغِ الإِسْلَامِيِّ

أقيمت صلاة الجمعة المَركَزِيَّةُ المُوَحَّدَةُ المباركة في النَّجَفِ الأَشْرَفِ.
وفيما يلي نص الخطبة وتابعتها “النعيم ينوز”:
(صَلَاةُ الجُمُعَةِ قَلْبُ المُجْتَمَعِ النَّابِض)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا البَيْعَ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ﴿الجُمُعَة: 9﴾.
نَقِفُ اليَوْمَ عِنْدَ ذِكْرَى مُبَارَكَةٍ صَنَعَتْ تَحَوُّلًا رِسَالِيًّا فِي تَارِيخِ العِرَاقِ المُعَاصِرِ: ذِكْرَى تَأْسِيسِ أَوَّلِ صَلَاةِ جُمُعَةٍ فِي مُدُنِ العِرَاقِ بِأَمْرِ المَرْجِعِ الشَّهِيدِ السَّيِّدِ مُحَمَّد مُحَمَّد صَادِق الصَّدْرِ قُدِّسَ سِرُّهُ فِي بَدَايَةِ التِّسْعِينَيَّاتِ، فِي يَوْمٍ جَعَلَهُ عُنْوَانًا لِلنَّهْضَةِ الرُّوحِيَّةِ… يَوْمِ وِلادَةِ السَّيِّدَةِ الزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلَامُ.
وَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ الجُمُعَةُ حَدَثًا عَابِرًا، بَلْ كَانَتْ اِنْطِلَاقَةً نَهْضَوِيَّةً هَدَفَتْ إِلَى إِعَادَةِ المَسْجِدِ إِلَى دَوْرِهِ القِيَادِيِّ، وَبَثِّ الرُّوحِ فِي جَسَدِ الأُمَّةِ، وَرَبْطِ النَّاسِ بِقَضِيَّتِهِمْ وَإِمَامِ زَمَانِهِمْ. وَلَقَدْ شَكَّلَتْ تِلْكَ الخُطْوَةُ البَارِكَةُ اِنْقِلَابًا اِجْتِمَاعِيًّا وَفِكْرِيًّا وَرُوحِيًّا لَا تَزَالُ آثَارُهُ حَيَّةً فِي المُجْتَمَعِ العِرَاقِيِّ إِلَى اليَوْمِ.
إِنَّ صَلَاةَ الجُمُعَةِ سُنَّةٌ نَبَوِيَّةٌ أَصِيلَةٌ، أَقَامَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَوَّلَ مَا دَخَلَ المَدِينَةَ، لِتَكُونَ مُؤْتَمَرًا أُسْبُوعِيًّا يَجْتَمِعُ فِيهِ المُسْلِمُونَ تَحْتَ رَايَةِ التَّوْحِيدِ، وَيَتَزَوَّدُونَ بِالتَّقْوَى، وَيَتَرَبَّوْنَ عَلَى رُوحِ الأُمَّةِ الوَاحِدَةِ.
ثُمَّ جَاءَ عَهْدُ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِيَحْمِلَ الجُمُعَةَ أَبْعَادَهَا الكُبْرَى، فَكَانَتْ مِنْبَرَ العَدْلِ وَمِيزَانَ الحَقِّ، وَمَوْقِعَ تَوْجِيهِ الأُمَّةِ وَتَصْحِيحِ مَسَارِهَا.
وَتَصِلُ شَعِيرَةُ الجُمُعَةِ إِلَى كَمَالِهَا فِي عَصْرِ الظُّهُورِ، إِذْ تُخْبِرُ الرِّوَايَاتُ أَنَّ الإِمَامَ المَهْدِيَّ عَجَّلَ اللهُ فَرَجَهُ الشَّرِيفَ سَيُعِيدُ الجُمُعَةَ إِلَى صُورَتِهَا الكَامِلَةِ، فَيُقِيمُهَا بِنَفْسِهِ، وَتَجْتَمِعُ تَحْتَ رَايَتِهِ جُمُوعُ المُؤْمِنِينَ، وَتُصْبِحُ الجُمُعَةُ جُزْءًا مِنْ مَلَامِحِ الدَّوْلَةِ الإِلَهِيَّةِ العَادِلَةِ.
وفِي الحَدِيثِ: «إِذَا قَامَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ… أَحْيَا سُنَنَ جَدِّهِ، وَأَقَامَ الجُمُعَةَ وَالجَمَاعَاتِ».
أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ…
وَإِذَا كَانَتِ الجُمُعَةُ قَدْ أُحْيِيَتْ فِي التِّسْعِينَيَّاتِ عَلَى يَدِ الشَّهِيدِ الصَّدْرِ قُدِّسَ سِرُّهُ، فَإِنَّ مَسِيرَتَهَا بَعْدَ عَامِ 2003 شَهِدَتْ نَهْضَةً جَدِيدَةً وَوَاسِعَةً بِفَضْلِ الجُهُودِ العَظِيمَةِ الَّتِي بَذَلَهَا سَمَاحَةُ المَرْجِعِ الدِّينِيِّ الشَّيْخِ مُحَمَّد اليَعْقُوبِي دَامَ ظِلُّهُ؛ إِذْ عَمِلَ سَمَاحَتُهُ عَلَى:
1. إِحْيَاءِ صَلَاةِ الجُمُعَةِ فِي كُلِّ مُدُنِ العِرَاقِ تَقْرِيبًا.
2. مُضَاعَفَةِ عَدَدِهَا لِتَشْمَلَ مَنَاطِقَ لَمْ تُقَمْ فِيهَا الجُمُعَةُ مِنْ قَبْلُ.
3. تَثْبِيتِ مَنَابِرِ الجُمُعَةِ فِي المَدُنِ وَالأَقْضِيَةِ وَالنَّوَاحِي.
4. تَأْهِيلِ الخُطَبَاءِ وَالفُضَلاءِ لِحَمْلِ مَسْؤُولِيَّةِ المِنْبَرِ.
5. رَبْطِ الجُمُعَةِ بِالمَشْرُوعِ الرِّسَالِيِّ وَالنَّهْضَةِ الأَخْلَاقِيَّةِ.
6. وَجَعْلِهَا وَسِيلَةً لِتَهْذِيبِ المُجْتَمَعِ وَإِحْيَاءِ رُوحِ التَّكَافُلِ وَالإِصْلَاحِ.
وَبِفَضْلِ هَذِهِ الجُهُودِ، بَاتَتْ صَلَاةُ الجُمُعَةِ اليَوْمَ شَبَكَةَ نُورٍ تَمْتَدُّ فِي عُمُومِ البِلادِ، تَرْبِطُ النَّاسَ بِهُوِيَّتِهِم الإِيمَانِيَّةِ، وَتُعِيدُ لِلْمُجْتَمَعِ وِجْهَتَهُ الأَخْلَاقِيَّةَ وَمَسِيرَتَهُ الرِّسَالِيَّةَ، وَتُنْشِئُ أَجْيَالًا تَحْمِلُ وَعْيًا أَعْلَى وَمَسْؤُولِيَّةً أَكْبَرَ.
ثُمَّ يَقُولُ تَعَالَى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا البَيْعَ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}: خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ تَشْرِيفًا لَهُمْ، وَالْوُجُوبُ شَامِلٌ لِلنَّاسِ أَجْمَعِينَ، عَلَى أَنْ يُصَحِّحُوا عَقَائِدَهُمْ أَوَّلًا لِتَصِحَّ مِنْهُمُ العِبَادَاتُ.
{إِذَا نُودِيَ}: أَيْ عِنْدَ سَمَاعِ الأَذَانِ.
{لِلصَّلَاةِ}: أَيْ صَلَاةِ الجُمُعَةِ، بِاتِّفَاقِ المُفَسِّرِينَ.
{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ}: أَمْرٌ بِالسَّعْيِ الجَادِّ، وَذِكْرُ اللهِ يَشْمَلُ الصَّلَاةَ وَالخُطْبَتَيْنِ.
{وَذَرُوا البَيْعَ}: نَهْيٌ عَنْ كُلِّ شَاغِلٍ يُعِيقُ عَنِ الحُضُورِ.
{ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ}: لِمَا فِيهِ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
ثُمَّ ذُكِرَتِ الأَحَادِيثُ وَالرِّوَايَاتُ فِي فَضْلِ الجُمُعَةِ، مِنْهَا:
قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَعَلَيْهِ بِالجُمُعَةِ»،
وَقَوْلُهُ: «مَا مِنْ قَدَمٍ سَعَتْ إِلَى الجُمُعَةِ إِلَّا حَرَّمَ اللهُ جَسَدَهَا عَلَى النَّارِ».
وَرُوِيَ: «الجُمُعَةُ حَجُّ المَسَاكِينِ».
وَفِي ذَمِّ تَرْكِهَا: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ فَهُوَ مُنَافِقٌ».
أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ…
فِي وِلادَةِ الزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلَامُ، وَفِي ذِكْرَى الجُمُعَةِ الأُولَى الَّتِي أَحْيَتْ رُوحَ العِرَاقِ، نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُبَارِكَ فِي هَذِهِ الشَّعِيرَةِ، وَأَنْ يَحْفَظَ عُلَمَاءَنَا العَامِلِينَ، وَأَنْ يُسْكِنَ الشَّهِيدَ الصَّدْرَ فَسِيحَ جَنَّاتِهِ، وَأَنْ يَمُدَّ فِي عُمْرِ سَمَاحَةِ الشَّيْخِ اليَعْقُوبِي دَامَ ظِلُّهُ، وَأَنْ يُعَجِّلَ فَرَجَ صَاحِبِ العَصْرِ وَالزَّمَانِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَنْصَارِهِ وَالمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز



