اخبار اسلامية
أخر الأخبار

خطبتا صلاة عيد الأضحى المبارك في بغداد بإمامة الشيخ محمد السوداني

أقيمت صلاة عيد الاضحى المبارك، في بغداد بإمامة الشيخ محمد السوداني.

وفيما يلي الخطبة الاولى، وتابعتها “النعيم نيوز”:
﴿بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ﴾
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كونوا قَوّامينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالقِسطِ وَلا يَجرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَومٍ عَلى أَلّا تَعدِلُوا اعدِلوا هُوَ أَقرَبُ لِلتَّقوى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبيرٌ بِما تَعمَلونَ﴾ [المائدة: ٨] في الحياة الاجتماعية هناك حقوق متبادلة بين الإنسان وأفراد مجتمعه، وكما يحرص الإنسان على حماية حقوقه ونيلها من الآخرين، عليه أن يحرص على احترام حقوق الآخرين وأدائها كاملة إليهم ويطلق على هذا النحو من التعامل عنوان الإنصاف، أن يأخذ الإنسان حقّه دون زيادة، ويعطي للآخر حقّه دون إنقاص
لذلك جاء في تعريف الإنصاف أنه العدل، كما ورد عن أمير المؤمنين علي ( علية السلام )في قوله تعالى (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ)، قال (علية السلام) : الْعَدْلُ الْإِنْصَافُ، وَالْإِحْسَانُ التَّفَضْلُ
حب الإنسان لذاته فإنه غالبًا ما ينحاز لنفسه، ويسعى لكي يأخذ من الآخرين أكثر من حقه، ويحيف على حقوقهم بإنكارها أو إنقاصها ويحتاج الإنسان إلى يقظة ضمير، وقوة إرادة، حتى يكون منصفًا للآخرين، خاصة في موارد النزاع والاختلاف.
لذلك ورد عن الحسن البزاز قال: قال لي أبو عبدالله الإمام جعفر الصادق (علية السلام ) :
[أَلَا أُخْبِركُمْ بِأَشَدِّ مَا قَرَضَ اللَّه عَلَى خَلْقِهِ؟ فَذَّكَرَ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ، أَوَّلُهَا إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ.
لأنّ إنصاف الإنسان للآخرين من نفسه يحتاج إلى كثير من مخالفة الهوى ومجاهدة النفس، والتغلّب على النزعة الذاتية، وبذلك يكون أشدّ ما فرض اللّه تعالى على خلقه، ويكون أهم سلوك يمارسه الإنسان، كما روى الإمام جعفر الصادق (ع) عن جدّه رسول الله أنه قال: {سَيِّدُ الْأَعْمَالِ إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ}. وأطلق #القرآن_الكريم على من يحيف على حقوق الآخرين، ويتجاوز الإنصاف صفة #التطفيف ، وسمّاهم المطففين، يقول تعالى: ﴿وَيلٌ لِلمُطَفِّفينَ ۝ الَّذينَ إِذَا اكتالوا عَلَى النّاسِ يَستَوفونَ ۝ وَإِذا كالوهُم أَو وَزَنوهُم يُخسِرونَ ۝ أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُم مَبعوثونَ ۝ لِيَومٍ عَظيمٍ﴾ [المطففين: ١-٥] إنّ من يدفعه هواه لتجاوز إنصاف الآخرين في الدنيا، سيدفع ثمنًا باهظًا في الآخرة، ويصيبه الويل والهلاك، فكيف يحيف على حقوق الآخرين من يؤمن بالقيامة والحساب؟!
ومما جاء في عهد أمير المؤمنين علي (ع)لمالك الأشتر: «أنْصِفِ الله وَأَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ، وَمِنْ خَاصَّةِ أهْلِكَ، وَمَنْ لَكَ فِيهِ هَوى مِنْ رَعِيَّتِكَ، فَإِنَّكَ إِلَّا تَفْعَلْ تَظْلِمْ، وَمَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللهِ كَانَ اللهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ، وَمَنْ خَاصَمَهُ الله أَدْحَضَ [أي: أبطل] حُجَّتَهُ، وَكَانَ للهِ حَرْباً حَتَّى يَنْزِعَ وَيَتُوبَ.

وفي كلمة أخرى عنه : أَعْدَلُ النَّاسِ مَنْ أَنْصَفَ مَنْ ظَلَمَهُ.
ومن مشاهد انعدام الإنصاف
إننا نشهد بعض مظاهر انعدام الإنصاف في حياتنا الاجتماعية، ومن أسوأ تجلياتها ما تراه في الخلافات الزوجية حين يضغط أحد الطرفين الزوج أو الزوجة، لنيل كلّ حقه من الطرف الآخر، بل وأكثر من حقه، ثم يحيف على حقّ زوجه.
لما نشهد تجليًا آخر فى توزيع الإرث بين الورثة، حيث يتعنّت بعض الورثة، فيماطلون في تقسيم الإرث، أو أخذ ما يزيد على حقهم، وكلّ ذلك ظلم وتجاوز للإنصاف.
ومن التجليات الخطيرة لانعدام الإنصاف، جور الخصوم بعضهم على بعض في حالات الخلاف والنزاع، ومحاولات الالتفاف على أحكام الشرع والقانون.
ومن أسوأ مظاهر عدم الإنصاف، ما نراه في حالات الاختلافات الدينية والفكرية بين أتباع المذاهب، أو بين المختلفين فكريًا داخل المذهب الواحد، حيث تحصل حالات الافتراء والطعن بغير حقّ، وتوجيه الاتهامات الكاذبة، وانكار أيّ إيجابية للطرف الآخر، وهذا ما نهى عنه القرآن الكريم، وما يخالف نهجه في الحديث عن المخالفين للدين، فإنه تعالى يقول عن أهل الكتاب : ﴿وَمِن أَهلِ الكِتابِ مَن إِن تَأمَنهُ بِقِنطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيكَ وَمِنهُم مَن إِن تَأمَنهُ بِدينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيكَ إِلّا ما دُمتَ عَلَيهِ قائِمًا ذلِكَ بِأَنَّهُم قالوا لَيسَ عَلَينا فِي الأُمِّيّينَ سَبيلٌ وَيَقولونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَهُم يَعلَمونَ﴾ [آل عمران: ٧٥] ، ففي ظلّ ظروف الصراع مع اليهود تأتي مثل هذه الآية الكريمة، لتمنع صدور أحكام كاسحة سلبية على جميع أهل الكتاب.

أما الخطبة الثانية:

﴿بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ﴾
﴿وَلَقَد بَعَثنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسولًا أَنِ اعبُدُوا اللَّهَ وَاجتَنِبُوا الطّاغوتَ فَمِنهُم مَن هَدَى اللَّهُ وَمِنهُم مَن حَقَّت عَلَيهِ الضَّلالَةُ فَسيروا فِي الأَرضِ فَانظُروا كَيفَ كانَ عاقِبَةُ المُكَذِّبينَ﴾ [النحل: ٣٦]

الإنسان كائن مميّز، منحه اللّٰه الإرادة والاختيار، في تصرفاته وممارساته، وهو بإرادته واختياره يقرّر توجهاته الفكرية وممارساته السلوكية، لكن كلّ حركة فكرية أو سلوكية تصدر منه، إنما تنطلق من دافع أو باعث يستجيب له، تارة يكون هذا الباعث من جهة في داخله، ضميره أو عقله أو هواه، وتارة من جهة من خارجه، ضمن تفاعله مع محيطه الاجتماعي، حيث يستقبل التأثير من عائلته، أو مراكز القوة والنفوذ في مجتمعه، فيستجيب لتلك التأثيرات فيما توجهه له من فكرة أو سلوك.
الخضوع والانقياد عبادة وحينما يكون الإنسان دائم الاستجابة لبواعث جهة من داخله أو خارجه، يصبح خاضعًا منقادًا لتلك الجهة، ويطلق على هذا الخضوع والانقياد مصطلح العبادة.
فالعبادة لغة، هي: الخضوع والانقياد، لذلك يطلق على الإنسان الذي يُسترقّ وتُصادر حريته وإرادته، أنّه عبد، بمعنى أنّه خاضع ومنقاد إلى من استرقّه واستعبده.
ومن ذلك قولهم طريق معبّد، أي مذلل لمن يطأه ويسلكه.
وعبادة اللّٰه تعني الخضوع والانقياد له في أوامره ونواهيه، والأوامر والنواهي الإلهية، قد تكون من خلال فطرة الإنسان النقية وعقله السليم، وقد تكون من قبل الأنبياء والرسل المبلغين عن اللّٰه تعالى.
وفي المقابل فإنّ الخضوع والانقياد للأهواء والشهوات، يعني العبودية لها.
يقول تعالى: ﴿أَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنتَ تَكونُ عَلَيهِ وَكيلًا﴾ [الفرقان: ٤٣] وورد عن أمير المؤمنين علي ( عليه السلام): الْجَاهِلُ عَبْدُ شَهْوَتِهِ.
والانقياد للشيطان يكون عبادة له.
يقول تعالى: ﴿أَلَم أَعهَد إِلَيكُم يا بَني آدَمَ أَن لا تَعبُدُوا الشَّيطانَ إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌّ مُبينٌ﴾ [يس: ٦٠] الخضوع لأي جهة لا تنطلق في أوامرها من العقل أو الوحي، هو عبادة لها، ويطلق عليها مصطلح الطاغوت، والطاغوت صيغة مبالغة للطغيان، أي التجاوز والتعدّي عن الحدّ المتعارف، ماديًا أو معنويًا، فكلّ من اشتدَ طغيانه وتجاوزه عن الحقّ، هو طاغوت، ويطلق على الشيطان والأصنام والأوثان البشرية، والمستبدّين المستكبرين.
يقول تعالى: ﴿وَلَقَد بَعَثنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسولًا أَنِ اعبُدُوا اللَّهَ وَاجتَنِبُوا الطّاغوتَ ﴾ [النحل: ٣٦] مهمة الأنبياء والرسالات الإلهية تحرير الناس من الانقياد لأهوائهم وشهواتهم، ومن الاستجابة لإغواء الشيطان، ومن الخضوع للطفاة المستكبرين والفاسدين، حتى يكون انقياد الإنسان وخضوعه لله وحده.
جاء عن الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ): {مَنْ أَصْغَى إِلَى نَاطِقٍ فَقَدْ عَبَدَهُ، فَإِنْ كَانَ النَّاطِقُ يُوَدِّي عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ عَبَدَ الله، وَإِنْ كَانَ النَّاطِقُ يُؤَدِي عَنِ الشَّيْطَانِ فَقَدْ عَبَدَ الشَّيْطَانَ}.وعنه: {مَنْ أَطَاعَ رَجُلًا فِي مَعْصِيَةٍ فَقَدْ عَبَدَهُ}.
وبهذا فعبادة اللّٰه منهج في حياة الإنسان، حيث يتحرّر من الخضوع والانقياد لما سوى اللّٰه تعالى، ويطيع اللّٰه في جميع تصرفاته في أبعاد حياته المختلفة.

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى