
كتبت نهاد الزركاني: ليست الحروب اليوم مجرد جولات من النيران والردود، بل معارك إرادة ووعي، تتجاوز صواريخ السماء لتضرب في عمق العقول والقلوب.
ومن هنا، يصبح الانتصار الحقيقي هو ما يتحقق قبل أن يُحسم الميدان، حين تُربك الخصم، وتُفكك أدواته، وتكسب الشعوب من حولك رغم كل ما صُرف لتشويه صورتك.
وهذا بالضبط ما يحدث اليوم مع إيران.
حرب غير متكافئة… لكن الكفة راجحة
في ميزان القوة الظاهري، تقف “إسرائيل” محاطة بدعم غربي غير محدود، بغطاء سياسي أمريكي مفتوح، وإعلام عربي يصفّق لها بحماسة تفوق حماسة الصهاينة أنفسهم.
ومعها أدوات قديمة:
جواسيس داخل إيران.
إعلام عربي مُمَوّل.
محللون مأجورون يكررون سرديات واشنطن.
وورقة الطائفية المسمومة، التي يُراد بها تقسيم الوعي العربي والإسلامي بين “شيعي صفوي” و”سني قومي”.
لكن رغم كل هذا، تميل الكفة نحو إيران.
لأنها لم تسعَ لكسب النخب المصطنعة، بل خاطبت ضمير الشعوب.
انتصار قبل الحسم… ووعي يتجاوز الطائفة
الذي يحدث اليوم هو حالة فريدة في الوعي العربي والإسلامي:
تفاعل شعبي غير مسبوق مع موقف إيران، من شعوب عربية وإسلامية ظلت لعقود تُغذّى بالرعب من “المد الشيعي”، وتُبرمج على رفض أي مشروع مقاوم لا يحمل الهوية السنية الصافية.
لكن المعادلة تغيّرت:
حين سقطت كل الأنظمة في وحل التطبيع،
وحين وقفت “دول الاعتدال” موقف الخزي من فلسطين،
وحين بدت إسرائيل تتبجّح فوق الدم العربي،
ظهرت إيران كالدولة الوحيدة التي تُهدّد فعلياً المشروع الصهيوني، لا بالكلام بل بالفعل.
والشعوب – بطبيعتها – تنحاز لمن يدفع الثمن لا لمن يبيع الشعارات.
فكان أن سقطت الحواجز المذهبية، وذابت الشعارات القومية المصطنعة، وتحوّل المزاج الشعبي من التشكيك في نوايا طهران، إلى التفاعل الحيّ مع ضرباتها، والدعاء العلني لها على منابر جمعة في بلاد كانت تُحرّض ضدها لسنوات.
أدوات أمريكا تنهار أمام صلابة الوعي
لم يكن المشروع الأمريكي يعتمد فقط على التفوق العسكري، بل على زرع الفُرقة داخل الجسد العربي والإسلامي.
مرة باسم “الخطر الشيعي”.
وأخرى باسم “الفرس الذين يريدون ابتلاع العرب”.
وثالثة بشعارات “الهلال الإيراني” مقابل “المشروع القومي”.
لكن الشعوب التي رأت مشاهد الدم الفلسطيني، والسكوت الرسمي، والانحياز الإعلامي للعواصم العربية نحو إسرائيل، بدأت تُعيد تموضعها.
وبدلاً من أن تُقسمها المذاهب، وحدتها المقاومة.
وبدلاً من أن تُخيفها طهران، أصبحت ترى فيها بصيص كرامة في زمن الانكسار.
الإعلام العربي… بين الفضيحة والخذلان
أما بعض الإعلام العربي، فقد فضح نفسه بنفسه:
يروّج لخطاب أمريكا، يستضيف محللين ينكرون ما يرونه بأعينهم، يتحدثون عن “تهوّر إيراني”، في وقت لا تجرؤ فيه أي دولة عربية على الرد حتى بالكلمة على جرائم الاحتلال.
بل الأخطر من ذلك، أنهم يسوّقون لفكرة أن الرد الإيراني يُهدّد استقرار المنطقة، وكأن المنطقة مستقرة تحت الاحتلال والذل والانقسام.
الخاتمة: من يملك الوعي ينتصر… حتى قبل المعركة
إيران لم تنتصر بعد عسكرياً، لكنها كسرت هيبة الخصم.
ولم تُعلن الحرب الكاملة، لكنها ربحت معركة الوعي الشعبي.
وما تسعى له اليوم ليس فقط معادلة الردع، بل قيادة مشروع كرامة في منطقة أرهقها الذل.
من يقف اليوم مع فلسطين قولاً وفعلاً؟
من يملك الإرادة رغم العقوبات؟
من يرفض التهدئة لأن الأرض بدأت تميل لصالحه؟
من يكسر جدار الطائفية بصفعة المقاومة؟
الجواب بات في وجدان الشعوب…
وهذا هو النصر الحقيقي، قبل أن تُطلق الطلقة الأخيرة.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز