
كتب وليد خالد الزيدي: من العناصر الضرورية لانبثاق أية حكومة أو تأسيس أي نظام سياسي أو تشكيل أي حزب تقدمي، هو الالتزام الحقيقي بروح المواطنة والإخوة إذا ما أقرّت من قبل القاعدة الواسعة في أي بقعة من الأرض وهو شعبها بكل قواه ومصالحه وإرادة جميع فئاته، وكل أطيافه والعلاقة الجوهرية في الوحدة الوجدانية والمشاركة في الحكم بين أطراف العملية السياسية من جهة، والمواطنين من جهة ثانية ومن خلال إرادة الجماهير فيه، فحينما تكون وحدة البلاد وسلامة أبنائها الدستور الأعلى في الحكم، سوف تبتعد كل عناوين الحكم عن حالات التجزئة في الأهداف والانحراف في الغايات والانزياح في الإرادات.
فإذا ما اختل التوازن ومالت المكاييل ستأخذ بأبناء الأمة الواحدة نحو هاوية الانزلاق وأتون التشرذم وزوايا السقوط وانحطاط المصير، وبالتالي تذهب ريح الشعب والحكومة على حد سواء إلى الوهن وانكسار شوكة البلد وإضعاف هيبة السلطة على الأرض، التي يحيا على ثراها أصحاب كل تلك العناوين.
حينما يراد من العراقيين المشاركة الفاعلة في العمل الديمقراطي والمساهمة في البناء الوطني، إنما يعني ذلك أن صوت الشعب قوة جبارة لها ما يضعها في صلب القرار ومركز الثقة في نظام سياسي يمثلهم بشكل يتوازن مع تلك القوة ويتلاءم مع الدور، الذي يمكن أن يلعبه هذا الشعب في التغيير نحو الإصلاح والإمساك بصولجان النجاح، وفي تأسيس نظام عادل يعيش في كنفه جميع أهل العراق في أفضل حياة وفي ظل أحسن حال وفي تكافؤ فرص منقطع النظير بعيش كريم كما يحيا أبناء البشرية في كل الدول في ظل أنظمة ديمقراطية منسجمة مع مصالح أبناء شعبها على قلة موارد أرضها وشحة مصادر عيشها.
حكم الشعب لبلده هو بيضة القبان، الذي تمكسك به حكومات الدول على مدى إدارتها وبما ما يجعلها قادرة على التعامل مع جميع الفئات بروح المسؤولية، لاسيما حينما يشعر كل أبناء الوطن بأن لهم في النهج السياسي مساحة واسعة من الحكم الرشيد والرأي السديد، ومن خلال القرار الوطني المنبثق من ثقة الجماهير ومصالحهم ومساهمتهم في اتخاذه ما يشعرهم بكل قواهم ومن دون استثناء، ومن خلال اختيارهم الحر لمن يمثلهم في مصنع القرارات لينعموا بالانتماء لوطن يمنحهم كل خيراته يمتلكون كل ثرواته من دون استثناء، ويرون بلدهم أقوى من سواه تغيب فيه نزعة التشظي أو حالة التفرقة أو مصلحة جهوية على حساب مصالح الآخرين.
الشعور الجماهيري في الانتماء لوطن تغيب فيه نزعة الاستحواذ على مقدرات الأمة، إنما يكسر أطواق الصمت ويذيب جبال الجليد من أرض الوطن، لتبدو ساحة خضراء وجنة غناء ونظام حكم سديداً متوحداً مبتعداً عمّا يمكن أن يسحب البلاد نحو أطر التخلف وشراك الضعف ونزعة التسلط، فيكون أسيراً لأزمات لا تأتي إلا بمصائب ما أنزل الله بها من سلطان، ولم تكن بالحسبان، فتبتعد حبال النجاة وتقل حيل الخلاص من الوقوع في الخطايا.
العمل الجماعي والمشورة في إصدار القرار الصائب المعبر عن حاجات الناس، الذي يصب في مصالحهم، إنما يبرز ما تتصف به الدول الديمقراطية وحكوماتها لتعبر بشكل جلي عن عظمة الأمم، التي تنتمي إليها، لاسيما في مشاركة مواطنيها بالحكم هو ما يجعل النظام السياسي يتقمص شخصية الأب الذي يوزع اهتمامه على كل الأبناء من دون استثناء ويأخذ دور المعلم الكفوء، الذي يجعل من كل أفراد الشعب صناعاً للحياة بشكل مثالي، لاسيما ونحن ندرك جيداً أن قيمة أي من تلك الأنظمة على المدى البعيد تكمن في سمو الأفكار، التي تؤلف برامجه وتنفذها بشكل حقيقي سليم، وكذلك في الأفراد الذين يؤلفون المجتمع ليكون كل منهم قائداً في أول صفوف التصدي لأزمات الزمان ومواجهة المخاطر المحدقة بوحدة البلاد، لتحقق آمال شعبها في إثراء المشهد الوطني بعوامل قوة وعناصر انعتاق نحو بر الأمان وضفاف النجاة.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز



