مقالات
أخر الأخبار

مخيم الهول .. إغلاق أخطر البؤر الإرهابية

كتب صادق كاظم.. يبدو العراق متحمسا أكثر من غيره من دول المنطقة والعالم لإغلاق ملف مخيم الهول، متحملا كامل تكاليف هذه المهمة من مختلف جوانبها، والأكثر تقدما فيها، فهو قد أعاد 18 ألف عائلة وسينهي بعد عام فقط ملف وجود باقي العوائل فيه، وهذه المهمة تكشف عن صعوبتها وخطورتها، خصوصا أن هذا المخيم يخضع لإدارات وأنظمة مختلفة متقاطعة ومتخاصمة فيما بينها، تتسبب في عدم إيجاد حل دائم له، والتي من أهمها تقاعس وإهمال معظم الدول التي لديها رعايا وعائلات تقيم فيه عن استردادهم أو السماح لهم بالعودة تحت ذرائع خطورتهم على أمنها.

هذا المخيم لا يبدو كغيره من مخيمات إيواء النازحين، فهو يضم عائلات أخطر الإرهابيين في المنطقة والعالم، فضلا عن عدد قليل من العائلات التي لجأت إليه هربا من الحرب في المنطقة، لكن خطورته تكمن أيضا في وجود آلاف الأطفال المؤدلجين الذين تحاول نساء “داعش” المتعصبات لفكر التنظيم من الأرامل المقيمات والمحتجزات فيه أن يؤسسن لجيل ثالث من الإرهابيين المراهقين، الذين من الممكن أن يشكلوا جيلا جديدا يحمل أفكارهم وأسلحتهم، ليهدد دول المنطقة مرة أخرى بعد الهزيمة الساحقة والقاضية التي لحقت به وأنهت دوره وتأثيره في كل من العراق وسوريا.

الحكومة العراقية وحدها التي قدمت الحل الشجاع والحكيم لهذه المشكلة، ونزعت فتيل هذه القنبلة الخطيرة، بعد أن وجدت أن عدم غلق المخيم وترك العائلات فيه بهذا الشكل ليس حلا، بل يسمح بأن يقع الأطفال الصغار غير الناضجين فريسة سهلة لتلك الإرهابيات اللواتي يحاولن غسل أدمغتهم وزرع أفكار التنظيم العقيمة والقاحلة في نفوسهم، إذ لابد من انتشالهم للعيش في أجواء نقية وإيجابية، ولا مفر من استيعابهم في مخيمات داخل العراق يعاد فيها تأهيل هؤلاء المتطرفين فكريا ونزع خرافة الأفكار المريضة والمسمومة من نفوسهم، ليكونوا مواطنين مسالمين غير خطرين، وإعادة دمجهم في المجتمع مع إبقائهم تحت العيون الأمنية لرصد كل من يحاول القيام بأدوار إجرامية مجددا.

عملية الاستيعاب والتأهيل تعد إستراتيجية مثلى لإيجاد حل واقعي وصريح، وقراءة صحيحة لأزمة باتت ترتبط بصراعات القوى في المنطقة، بعيدا عن المبالغات والتصورات الخاطئة التي تريد أن يبقى هذا المخيم على حاله من دون أي حل ينهي وجوده ومأساته، خصوصا أنه يخضع لسيطرة قسد المتحالفة مع واشنطن، والمتصارعة مع أنقرة التي هي حليف لنظام الشرع في سوريا الذي لا يرتاح لوجود الأكراد بهذا الشكل الأكثر استقلالا عن دمشق، مما يعني أن هذه المنطقة من الممكن أن تشهد صراعا مسلحا عنيفا بين هذه الأطراف، خصوصا أن تركيا تريد حسم ملف الأكراد بالقرب من حدودها، مع نزع سلاحهم بالكامل ودمجهم بالجيش السوري، وحتما فإن شرارات هذا الصراع المتوقع من الممكن أن تصل إلى المخيم وإلى سجون “داعش” الإرهابي في المناطق المجاورة له، وهي تصورات لا يمكن أن تخدم العراق إستراتيجيا، إن ظل الوضع على هذا الحال.

الخطوة العراقية تنهي بالتأكيد هذا الموقف غير الآمن والخطير، من خلال تخيل وجود آلاف العوائل من الأطفال والأرامل وزوجات المعتقلين من عناصر “داعش”، وبالقرب منهم السجون التي تضم بداخلها أخطر المسلحين من عناصر “داعش”، الذين من الممكن أن يخرجوا أو يهربوا من هناك ليعيدوا تنظيم أنفسهم ووجودهم، ثم التحول لإعادة شن هجمات على المناطق العراقية المتاخمة لسوريا، مع فرضية عدم إمكانية ملاحقتهم ومهاجمتهم داخل سوريا نفسها، لأن الأتراك والسوريين أنفسهم لن يسمحوا بذلك، باعتبار أن ذلك سيمنح العراق نفوذا وتأثيرا عميقا في الوضع السوري .

إغلاق مخيم الهول سيعني زوال تهديد خطير على أبواب العراق مستقبلاً، وسيخدم استقراره الأمني على المدى البعيد، وهناك مسارات وخطوات عديدة يبدو أن العراق قد قطعها في ما يخص قضية إعادة الاندماج، وإيجاد الحلول لأصعب التفاصيل في هذا الملف، خصوصا ما يتعلق بسلوكيات العناصر النسوية ذات العلاقة بجرائم القتل والاغتيالات التي تحدث في المخيم، وكذلك بخصوص تشكيل اللجان التي تشرف على تعزيز قدرة العائدين على الاندماج المجتمعي والتخلي طواعية عن الفكر الداعشي الإرهابي المنحرف، إضافة إلى وضع الأطر القانونية التي تنظم تلك السلوكيات، وتضمن عدم عودتها إلى تلك الممارسات الإجرامية الخطيرة، فضلا عن ضمان الأمن والاستقرار الأهلي والمجتمعي.

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى