مقالات
أخر الأخبار

عالم على قياس دونالد ترامب.. أي خرافة؟!

كتب نبيه البرجي.. يلاحظ المؤرخ والباحث الأنثروبولوجي الفرنسي ايمانويل تود أن الرؤساء الأميركيين حاولوا ومنذ سقوط الامبراطورية السوفياتية اعادة تشكيل العالم وفقاً للرؤية الأميركية دون أي اعتبار للتضاريس التاريخية والايديولوجية التي تحكم الدول والمجتمعات الأخرى.

دونالد ترامب يحاول اعادة تشكيل العالم وفقاً لرؤيته الشخصية، أكثر من أن يكون الامبراطور أمام الكاميرات، انه سيد هذا العالم.عندما أطلق الرئيس جورج بوش الأب شعار “النظام العالمي الجديد” والذي يقوم على الاستقطاب الأحادي ودون اعادة هيكلة البنى الفلسفية أو الاستراتيجية للمعادلات وللعلاقات الدولية وحتى عدم تغيير الوضع التمثيلي للمنظمات الدولية، وعلى رأسها مجلس الأمن، كتب زبغنيو بريجنسكي “… بل إنها الفوضى العالمية الجديدة”. آنذاك انتشر في الأرجاء الأوروبية رسم كاريكاتوري لوحيد القرن، وهو يجر الكرة الأرضية بساق واحدة.

منذ ذلك الوقت والعالم في حالة من الفوضى الأبوكاليبتية. هنري كيسنجر الذي استعاد الخرافة الأوروبية التي ترى أن الأرض تقف على قرن ثور، قال “أحاول أن أستعجل موتي لأذهب الى جهنم التي هناك والتي ستكون حتماً أقل هولاً من جهنم التي ستكون هنا اذا ما اندلعت الحرب العالمية الثالثة…”.

مثلما زاد دونالد ترامب من الفوضى (الفوضى الأكثر تعقيدا) في العالم، زاد بنيامين نتنياهو من الفوضى الايديولوجية والفوضى الاستراتيجية في الشرق الأوسط والى الحد الذي يحول بينه وبين ضبط الإيقاع، لكأن المنطقة أفلتت من يديه لتكون الحرب للحرب والدم للدم، لتسأل المؤرخة اليهودية الأميركية آفيفا تشومسكي ما اذا كان الفوهرر اليهودي، قد حل محل الماشيح في ذلك الظهور الدموي الذي يشي بانفجار وشيك على غرار الانفجار الذي حدث في المملكة اليهودية غداة موت الملك سليمان .

لو قرأ ترامب ونتنياهو ما كتبه ول ديورانت صاحب “قصة الحضارة” عن نظرية “طوفان الأزمنة” كبديل ملتبس لنظرية “جدلية الأزمنة” لوجدا أنفسهما أمام حالتين مستحيلتين. الأولى لتغيير العالم على قياسه، والثانية لتغيير الشرق الأوسط على قياسه. واذا كان رئيس الحكومة الاسرائيلية قد صرح بأن يهوه (رب الجنود) هو الذي يقوده في أوديسه الدم، لاحظ الفيلسوف الفرنسي فرنسوا بورغا أن الرئيس الأميركي يرى في نفسه وهو في البيت الأبيض ما كان يراه الآلهة الاغريق وهم في جبل الأولمب أو ما يراه الالهة الرومان وهم في معبد زيوس .

واذا كان الباحث المستقبلي الأميركي آلفن توفلر (1928 ـ 2016 ) قد لاحظ أنه اذا كان أسلوب الحياة الأميركي (LIFESTYLE ) قد أحدث تغييراً سحرياً في طريقة حياة سائر مجتمعات الأمم، فان التكنولوجيا الأميركية لا بد أن تفضي حتى الى احداث تغيير فيزيولوجي في الكائن البشري، ترانا سنكون على شاكلة الكائنات الفضائية اذا ما أخذنا مثالاً شخصية “اي . تي « (E.T) للمخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ ؟.الآلهة بالقوة الماورائية تتحكم بالكائنات البشرية وغالباً بصورة وحشية لتسقط أخيراً في قعر العدم.

ألم يصف خوخي بورخيس ولسون بـ”آلهة العدم” أولئك الذين يستخدمون قوتهم “حتى لقهر أزهار البنفسج”؟. لكن السيناتور لندسي غراهام العاشق لبنيامين نتنياهو بـ”الدور الالهي” رأى أن الإمبراطورية الأميركية تختلف عن أي امبراطورية أخرى. لم تقم على “الايديولوجيات الصدئة” ولا على “جنون التاريخ” وانما على ديناميكية الأدمغة وعلى الرغبة ليس في القفز فوق التاريخ وانما في القفز فوق الزمن. غير أن ترامب الداعم لـ”اسرائيل الكبرى” لم يحقق حلمه في “أميركا الكبرى” كطريق الزامي الى “أميركا العظمى” بالحاق كندا وغرينلاند. لجأ الى السياسات الاقتصادية التي تفصل بين أميركا والعالم على أنه يستطيع أن يكون “حوذي الأزمنة”.

لكنها الأزمنة التي قال فيلسوف التاريخ البريطاني آرنولد توينبي “لطالما حولت الآلهة الى حطام”.

قد يكون الرئيس الأميركي السابع والأربعين من أولئك الآلهة الذين يشبهون عود الثقاب، حتى وان قال بوب ودورد وروبرت كوستا في كتابهما PERIL « اذا كنتم تريدون رؤية كائن بشري تخرج النيران من أذنيه فهذا هو دونالد ترامب” الذي قال مستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون “قد يخيّل اليك وهو يتحدث في الضوء انه بقوة التنين.

حين يجلس في مكتبه البيضاوي ليستريح ترى فيه الدجاجة العجوز”.

وقفة خاطفة عند قول المؤرخ الأميركي آلان تايلر “لقد ولدت أميركا مثلما تولد الخرافة، وأخشى أن تندثر مثلما تندثر الخرافة التي ولد منها دونالد ترامب.

أليس هذه حال بنيامين نتنياهو الآتي من الخرافة، الذاهب الى الخرافة..؟.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى