
كتب طالب سعدون: الديمقراطية سلوكٌ وقيمٌ وأسلوب حياة وليست نظام حكم فقط، أساسها احترام الإنسان ومراعاة حقوقه ومشاركته في صنع القرار، والاختلاف في الرأي وقبول الرأي الآخر وتأمين مستلزمات حياته بما يحافظ على كرامته.
والديمقراطية وسيلته الدستورية في ممارسة سلطاته (الشعب مصدر السلطات) وتغيير حكامه بصورة دورية أو متى ما أراد، كما يحصل في الانتخابات المبكرة.
والانتخابات تمنح الشرعية للحكومات والأنظمة، وفي ذلك تتساوى الأنظمة الديمقراطية مع المستبدة التي ترى في الانتخابات فرصتها أيضاً للحصول على الشرعية من الشعب لكي تمارس دكتاتوريتها تحت هذا الغطاء القانوني، فتتحول الديمقراطية إلى (ثوب يتنكر به الطغاة) على حد تعبير أحد المفكرين الغربيين.
تقوم الانتخابات على عنصرين أساسيين:- أشخاص (أحزاب – أفراد) يتنافسون وبرامج أو مناهج تقدم حلولاً لحاجات الوطن والمواطن المتجددة على الدوام.
وبعد مضي تجربة طويلة على ممارسة الانتخابات يلاحظ أن أعداداً هائلة من الأحزاب والأفراد تنافسوا في دورات انتخابية، وهذا يعني أن البلاد مرت بتعددية حزبية وليست سياسية، وهناك فرق بين الاثنين، تعددية تضيع فيها البرامج والتمييز في زحمة التنافس بين هذا العدد الهائل ويطغى حضور الأشخاص أكثر منها، فتصبح الانتخابات وكأنها منافسة شخصية لكسب منافع ذاتية أكثر مما هي منافسة برامجية.
وفي هذه الحالة تلعب الأسر الكبيرة والعشائر والعلاقات الاجتماعية والوجاهة دورها في الاختيار، ناهيك عن المسائل الإغرائية والمالية والفقر والحاجة التي قد تدفع المواطن إلى بيع صوته.
وأمام هذا العدد يتبادر للناخب سؤال، هل كان لهذا العدد الكبير تجربة ودور في العمل السياسي وحضور جماهيري وفي الحكومة أيضاً؟، واذا كان كذلك ألا يأخذ نصيبه من المسؤولية في الإخفاق الحكومي وفي أداء المهمات واستمرار معاناة المواطنين على مدى دورات انتخابية متتابعة، خاصة إذا كان جزءاً من السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية؟ وهنا يأتي دور صندوق الاقتراع في فرز العناصر الكفوءة وذات الحضور الجماهيري عن غيرها واختيار المناسب منها.
وتلعب نزاهة الانتخابات والشفافية دورها في عملية الانتخابات وتعزيز ثقة الشعب بها عندما يكون مطمئناً على صوته الذي أعطاه لمستحقه الذي يتلمس فيه الخير وله القدرة على أن ينتقل بالدولة إلى ما يطمح إليه وحيث يكون موقعها الطبيعي بين دول العالم، وبذلك تكون الانتخابات نقلة نوعية للبلاد والمواطن وليس للأحزاب أو الاشخاص المشاركين فيها.
يلاحظ أيضاً في الانتخابات التركيز كثيراً على النزاهة وهي بلا شك مسألة مهمة، لكن هناك ما هو أهم، هو مرحلة ما بعد الانتخابات النزيهة، ماذا أفرزت من نتائج، هل ضمنت النزاهة مجيء أشخاص قادرين على أداء مهماتهم الوطنية والوظيفية بتفان وإخلاص، ولهم قدرة على إحداث نقلة نوعية في حياة الدولة والمجتمع ترتقي بهم إلى درجة أعلى في كل المجالات بما في ذلك النواحي القيمية، لأن الشعب يرى في هؤلاء قدوة ونموذجاً له في الأعمال الإيجابية أو السلبية (الناس على دين ملوكهم) على حد ما جاء في القول العربي المشهور.
فما فائدة الانتخابات النزيهة إن لم تأت بأشخاص بهذا المستوى العالي من كفاءة الأداء في الضمير والاختصاص، أن لم تكن كذلك فتكون النزاهة قد أفادت المرشح أكثر من الناخب، دور الشعب مهم في كل الأوقات، لا ينتهي بالانتخابات والتغيير من خلال صوته، بل مستمر في الرقابة والمحاسبة والتغيير، يراقب أداء من يمثله، ولا ينتظر الانتخابات المقبلة لكي يعاقب من أخفق أو يكافئ من أجاد بمنحه صوته مرة أخرى، والحراك الشعبي أحد وسائله المهمة الآنية في تحقيق ذلك فقد يجبر الحكومة على الاستقالة، وإجراء انتخابات مبكرة لتأتي بأشخاص ومناهج قادرة على إحداث نقلة نوعية في حياة الشعب وإنهاء معاناته.
باختصار الديمقراطية أسلوب حياة ترفض أن يكون الإنسان ديمقراطياً وغير ديمقراطي في الوقت نفسه.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز