
كتب د. هاني عاشور: كيف يمكن أن نتصور الصين بعد عشر سنوات مثلاً، وهي تسير بخطوات لم يعد يتمكن أحد من حصرها أو إحصائها، فالصين تحتل المستقبل بهدوء، فيما تتراجع أمامها قوى عظمى مثل أوروبا وروسيا وأميركا ودول أخرى كان من الممكن أن تحتل أجزاء كبرى من المستقبل.
ربما في ذهن الكثيرين أن الصين تشكل الخطر الأكبر على الولايات المتحدة الأميركية، وهذا ما تؤكده الوقائع اليومية وتخوفات ترامب من مستقبل الاقتصاد الصيني الذي بدأ يأكل العالم من أقصاه إلى أقصاه، وهذا الأمر له حقائق في الوجود الفعلي فالناتج المحلي للصين للعام 2024، بلغ نحو 18.94 تريليون دولار، فيما تكشف صناديق دولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الصيني المركزي بيانات متوافقة، حيث تشير تقديراتهم إلى ناتج قدره حوالي 19.23 تريليون دولار للعام 2025، مع تسجيل نمو بنسبة 5 ٪ لعام 2024.
وهنا تبدو الصدمة الكبرى للعالم الذي يراقب الصين وليس بمقدوره فعل شيء، ففي العام 1990 كان الناتج المحلي الإجمالي للصين حوالي 360 مليار دولار أمريكي، حقاً إنها صدمة ما بعدها صدمة للغرب وأميركا، فهذا الفارق الكبير في تطور الناتج الإجمالي خلال 35 عاماً، وبهذه السرعة يثير المخاوف من المستقبل والسؤال الأكبر إلى أين سيصل ناتج الصين الإجمالي عام 2050، إذا استمر ارتفاع مستوى الاقتصاد الصيني بهذه الوتيرة.
وحتى الآن لا توجد قواعد عسكرية للصين في دول العالم كما هو حال القواعد الأميركية، لكن الصين تحتل العالم، أو ربما تفكر في السيطرة على العالم بعد عقود، وهذا ما يؤشره اهتمام الصين بتطوير الأسلحة الحديثة، وكما تشير دراسات حديثة فإن الصين تقدمت بقوة في أسلحة إلكترونية ومضادة للطائرات بدون طيار، وفي ابتكار تكنولوجيا فرط صوتية، إضافة إلى تطور في أنظمة حاملات الطائرات والدرونات البحرية، ما يعكس تغييراً في استراتيجية القوة البحرية.
وهناك نهج متعدد الجوانب يشمل الأنظمة التقليدية (KD‑21، DF‑5B)، والحديثة (HPM، الرادارات، الطائرات) ومنها مثلاً حاملة طائرات صينية نووية الدفع، مزودة بكاتابولتات EMALS، تجعل الصين في مصاف القوى البحرية ذات التقنية العالية، ودرونات تجسسية ميكروية على شكل بعوضة حجمها لا يتجاوز ظفر الإصبع، ومخصصة للتجسس السري داخل المباني، إضافة إلى منظومة «Bullet Curtain» المضادة للطائرات بدون طيار، وتستخدم تقنية إطلاق رصاصة كثيفة (barrage) لإقامة “جدار ناري” يعترض أسراب الدرونات والصواريخ بسرعة فائقة، وقائمة السلاح المتطور في الصين طويلة جداً تحتاج لمقالات وكتب للاطلاع عليها.
وتضاعفت قدرة الصين على إنتاج المحركات والسيارات بشكل هائل في العقدين الأخيرين، حتى أصبحت واحدة من أكبر وأهم الدول الصناعية في هذا العالم، وقد بلغ الإنتاج السنوي عام 2024 نحو 30 مليون مركبة بمختلف الانواع، وهي تشكل أكثر من 32% من الإنتاج العالمي للسيارات.
أما في السوق العالمي لخدمات الاتصالات تُقدر بنحو 1.98 تريليون دولار في عام 2024، فيما تمثل الصادرات الصينية من التقنيات الطبية حوالي 11.4 مليار دولار من مختلف الأجهزة الطبية، إلى دول مثل الولايات المتحدة واليابان وألمانيا في 2024.
لقد أصبح من حق العالم أن يخاف من دور الصين في المستقبل، وما أوردناه في مقالنا بعض ما نعرفه عن الصين وما خفي أعظم، ولكن رغم كل هذا التطور العلمي والصناعي الهائل، إلا أن أهم ما لدى الصين هو الحكمة التي تتمتع بها، ورؤيتها العالمية الهادئة واستعدادها للمستقبل من دون صخب أو انفعال، فهكذا تكون الأمم وهكذا يسيطر الحكماء على المستقبل.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز