مقالات
أخر الأخبار

التبرع بالدم… حياة للناس ووفاء لثورة الإمام الحسين (ع)

بقلم الشيخ عبد المنعم الكعبي

في خضم الصراعات وزحمة الحياة اليومية، قد نغفل ومن تلك الغفلة يسوس لنا الشيطان والنفس الأمارة بالسوء فنتصور بأن فعلاً ما هو المواساة الحقيقية لإمامنا الحسين (عليه السلام)، وإن كل تلك التصورات منضوية تحت اسم الشعائر الحسينية غافلين أو متغافلين عن ضرورة كون تلك الشعائر منتجة أم لا، منطلقين من كون كل أفعال عاشوراء هي منتجة حاضراً ومستقبلاً، ويكون محركنا لذلك هو المعصوم، وبما أن المعصوم غائب أرواحنا لتراب مقدمه الفداء، إذن نحن ومن الضرورة أن نتحرك بأمر من أراد المعصوم طاعته في زمن الغيبة، وهم العلماء العاملون الربانيون.

 

وبما أننا ومن ضرورة العقل ووجود النص لابد لنا من الالتزام بذلك وهدفنا هو الدفاع عن الإسلام بصورة عامة وعن التشيع بصورة خاصة، وأن نحرص على دفع كل ما يسيء للإسلام أو فيه هتك، فلو أننا الآن قمنا بمقارنة بين من يسيل دمه بلا هدف وعلى الأرض وبين من يكون دمه حياة للآخرين، من هنا يجب علينا أن لا نغفل عن أفعال بسيطة قد تكون سبباً في إنقاذ أرواح لا تُحصى.

ومن بين تلك الأفعال، يبرز التبرع بالدم كأحد أسمى صور العطاء الإنساني، حيث أن قطرة دم واحدة قد تعيد الحياة إلى مريض، أو تُنقذ مصاباً في حادث، أو تُعين مَن يُجري عملية جراحية دقيقة مستندين إلى نص قرآني وعمل مرجع يسير بخطى وتوجيهات أئمتنا (سلام الله عليهم) فلا يخرجنا من هدى إلى ضلالة.

قال تعالى في كتابه الكريم: “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً”، وهذه الآية العظيمة تلخص المعنى الإنساني النبيل الكامن في التبرع بالدم، ومعناها واضح لكل من له لب فكم من شخص فقد وعيه أو كاد أن يُفارق الحياة لولا وجود دم متبرع كريم لا يعرفه، لكنه آثر أن يعطي دون مقابل، ووهب من جسده حياةً لغيره!

وهذا العطاء الإنساني الكبير نابع من مبادئ الإمام الحسين (عليه السلام)، الذي خرج بثورته المباركة من أجل إحياء القيم الدينية والإنسانية في الأمة، ففي ذلك احياءً لهم في الدنيا والآخرة، ولعظم الهدف ضحى بنفسه وأهل بيته وأصحابه من أجل ذلك الهدف، وهو بقاء الإسلام حياً نابضاً.

فالتبرع بالدم أمر عقلائي صحيح نواسي فيه إمامنا الحسين (عليه السلام) في إنقاذ الناس، وهذا تجسيد حي لمعاني المواساة الحقيقية، وامتداد عملي لثورة الإمام الحسين (ع)، الذي أراد أن يُحيي الناس بالحق والعدل والرحمة.

لذا، فإن من أعظم صور إحياء ذكرى الإمام الحسين (عليه السلام) في زماننا هو أن نشارك في حملات التبرع بالدم، وأن نهب حياتنا لمن يحتاجها، فبهذا نكون أوفياء لرسالته، ومشاركين في هدفه السامي: إحياء الدين والإنسان.

فلنجعل التبرع بالدم ثقافة راسخة في مجتمعنا، وعادة نمارسها باستمرار، فهي ليست فقط عملاً طبياً نافعاً، بل عبادة وقربى، وعنوان من عناوين الكرامة والإنسانية والمواساة، ولربما يقول القائل إن هناك أحد عشر شهراً يمكننا أن نتبرع فيه فلماذا تصرون على أن يكون تبرع في هذا الشهر، وأقول أن شهر محرم هو شهر انتصار الدم على السيف ولا يقتصر الأمر في شهر واحد، بل على الدوام لاستعدادنا الدائم على ذلك، لأن فيه إنقاذ الدين والمسلمين من براثن الجهالة وحيرة الضلالة، وكما قال إمامنا الصادق (عليه السلام) عن جده، ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة، وفي تبرعك بدمك إنقاذ أيضاً لمن يعاني الموت البطيء فعندما يجري دمك في جسمه تكون قد أعطيته الحياة، ولعل بقاءه حياً يعني أن دمك كان واهباً للحياة بفضل الله سبحانه، فلك أجر أعماله مثلما له ذلك، والحمد لله رب العالمين.

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى